للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما شبعوا مما أعدت لهم وتمحلت من أجلهم سكنت فكأنه كان على قلبي غطاء من الغم ران عليه، فانجلى وذهب. وقوله فبتنا وباتت قدرنا خبر بتنا وقله لنا قبل ما فيها شواء، وشواء ارتفع بالابتداء. يريد: بتنا لنا قبل ما أودع القدر شواء واصطلاء بالنار، كأنه طال عليهم انتظار القدر، فعمد إلى أطاليب الجزور وشوى. وقوله ذات هزة خبر بانت قدرنا، أي لها هزيز بالغليان. ويجوز أن يريد: لقدر اللحم فيها اهتزاز واضطراب، كما قال:

قرشية يهتز موكبها

وهذا الذي اقتصه من حاله وحالهم، بيان اهتمامه بأمر الضيف وحسن التأني في تفقده.

وأصبح راعينا بريمة عندنا ... بستين أنقتها الأخلة والخلا

فقلت لرب الناب خذها ثنية ... وناب علينا مثل نابك في الحيا

يقول: أصبحنا وراعينا بريمة رد إبلنا من مرعاها، وهي ستون قد أنقتها - أي جعل لها نقياً - الأخلة، وهي جمع خلال، وهو مااختل واجتز من العشب وهو أخضر. والخلا: الرطب. وقال بعض أصحاب المعاني: لا يقال أنقت الناقة، إذ سمنت؛ ولكن لما سمن من الحشيش، وكان الحشيش والخلا سبب سمنها جعل الفعل لها على سعة الكلام، والأصل أنقت هي. قال:

لا يشتكين ألماً ما أنقين ... ما دام مخ في سلامي أو عين

وقال غيره: يجوز أن يكون أنقى هاهنا معدى، ويكون على غير ما فسرتموه، وهو أنه يقال: أنقيته فأنقي، كما يقال: أمأيت الدراهم فأمأت هي. والمعنى سمنته وجعلت له نقياً فسمن واحتمل. قال البرقي: الرواية الصحيحة عندي: أبقتها الأخلة، أي أبقتها على البرد والجدب، لأنا كنناها وخلينا لها. ورواه بعضهم: الأجلة بالجيم. قال: ويقال: جل وجلال وأجلة، أي لم ندعها ولم نهملها، بل ألبسناها وتفقدناها.

<<  <   >  >>