هوذا يسلى صاحبه عما تداخله من الغيظ على زمان بلغ بيني عبس ما بلغ، فيقول: لا تظنن أن هذه الأمور تجري على ما تشاهدها سليمة من الحوادث، وأن الدولة تمتد لبني عبس وتصير كالواجب لها، بريئة من الصوارف، نقيةمن الشوائب؛ فإن كل ذلك بعرض الزوال والتغير، متى مات من تقدموا به، وهو الوليد بن عبد الملك. وحكى عن الحضين بن المنذر أنه قال لبعض بني عبس وقد تنازعا في شيء: إنما أنتم يا بني عبس بحر، فإن ابتل ابتللتم، وإن يبس يبتسم. وقوله فسادة عبس نساؤها، يعني أم الوليد والمتصلات بها. هذا في الحديث زعم. قال: وفي القديم كانوا بالعبيد، يعني به عنترة بن شداد، لأنه عيسى، وكان هجيناً، ولذلك قال:
إني امرؤ من خير عبس منصباً ... شطري وأحمي سائري بالمنصل
وقال أيضاً:
أنا الهجين عنترة ... كل امرىء يحمى حره
أسوده وأحمره وهو أحد الفرسان الذين جل أمرهم، وعظم شأنهم.
وقال آخر:
أقول حين أرى كعباً ولحيته ... لا بارك الله في بضع وستين
من السنين تملاها بلا حسب ... ولا حياء ولا قدر ولا دين
أجري جمع السلامة في أن أعرب آخره مجرى جموع التكسير، وقد جاء ذلك كثيراً. على هذا قول الآخر: