للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الى مطلوبه من حي أو ما سبيله سبيلهم. وجعله في الرحل مائلاً لغلبة النوم عليه، أو لتهيئه لإدراك الصوت. ويقال: جنح يجنح جنوحاً، إذا مال. ومعنى يستتيهه إلى كل صوت جعل الفعل مضافاً إلى الصدى لغلبته عليه، واعتقاده في كل صوت أنه هو، فقد صار تائهاً إليه.

فقلت لأهلي ما بغام مطية ... وسار أضافته الكلاب النوابح

فقالواغريب طارق طرحت به ... متون الفيافي والخطوب الطوارح

رجع إلى أهله في التعرف لما غشيه بغام بعير الطارق، فقال سائلاً: ما بغام مطية. وما يستفهم به عما دون الناطقين، وعن صفات الناطقين. فكأنه سأل عن صفات الساري وعما أدركه من صوت المطية. وجعل الكلاب مضيفة للساري لاستنباحه ولإجابتها إياه.

وقوله غريب طارق هو بيان ما سأل عنه من صفة الساري، واكتفى بوصفه لأن البغام وإن سئل عنه أيضاً فهو من توابع الساري. ومعنى طرحت به رمت به. ومتون الفيافي: جمع متن، وهو ما ارتفع وغلظ من الأرض. وكل صلب غليظ متين. ويقال: ما تنت الرجل، إذا فعلت من ذلك ما يفعله. ومتن بالمكان: أقام به. وقوله: طرحت به المتون والخطوب، فيه دلالة قوية على ضلاله وضره وإنفاضه. ويروى: طوحت به و: الخطوب الطوائح. وكان يجب أن يقول: والخطوب المطوحات في الجمع بالألف والتاء، لأن اسم الفاعل من طوح مطوح، ولكنه أخرج الطوائح على حذف الزيادة من الفعل. ومثله قوله عز وجل: " وأرسلنا الرياح لواقح "، لأن أصله أن يجيء على ملاقح أو ملقحات، لكونها ملقحة للأشجار. والفعل منه ألقح، فأخرجه على حذف الزوائد فصار لقح ولواقح. وكذلك الطوائح قياسه أن يكون إذا عدل عن الجمع بالتاء: مطاوح. وارتفع غريب على انه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: هو غريب طارق. ومعنى طوحت به: حملته على ركوب المهالك. والطائح: الهالك، والذاهب الفاني. ويقال: تطاوحنا الأمر بيننا، كما يقال تطارحنا

فقمت ولم أجثم مكاني ولم تقم ... من النفس علات البخيل الفواضح

وناديت شبلاً فاستجاب وربما ... ضمنا قرى عشر لمن لا نصافح

<<  <   >  >>