للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى لا ضب هناك فينجحر.

وقوله نبيلة أي عظيمة الشأن، وخص قرات العشيات لأنها وقت الأضياف. والمراد: لها عند العشيات القرة أزمل، وهو الصوت، والمراد غليانها. والقر والقر والقرة: البرد.

وقوله إذا ما قريناها قراها، يريد إذا ملأناها فدراً وأوصالاً تضمنت لنا الكفاية لمن نابنا من حق، وأتانا من ضيف، أو تزيد عن المطلوب فتفضل على غيرهم ممن لا يعد في الوقت ولا يذكر. ويروى: فتفضل بفتح التاء، وهو ظاهر المعنى، والأول أحسن. وجعل المطبوخ في القدر قرى ليطابق قوله: تضمنت قرى من عرانا. وعادتهم في طباق الألفاظ ووفاقها في النظام معروفة.

وقال آخر:

سلي الطارق المعتر يا أم مالك ... إذا ما أتاني بين قدري ومجزرى

أيسفر وجهي أنه أول القرى ... وأبذل معروفي له دون منكري

الطارق: الآتي ليلاً. وسلى أصله أسألي فحذفت الهمزة وألقي حركتها على السين ثم استغنى عن الهمزة المجتنبة، لتحرك السين بالفتحة، فحذفت. والمعتر: المتعرض ولا يسأل. يقال: عره واعتره بمهنى. وفسر في التنزيل قوله تعالى: " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " على ذلك، لأن القانع قيل هو السائل، والمعتر الذي يتعرض ولا يتكلم. وقال الأصمعي: عراه واعتراه وعره واعتره، إذا أتاه طالباً لمعروفه. وقوله إذا ما أتاني بين قدري ومجزري يريد إذا أتاني في موضع الضيافة ودارها بين مسقط الجزر ومنصب القدور. والمعنى: سلي أضيافي عن أخلاقي معهم، وكيفية إكرامي لهم في مثواهم، وهل أتدرج في مدارج الخدمة وأتوصل بأنواع التودد والقربة من ابتداء نزولهم، إلى انتهاء ذهابهم عني وخفوفهم. وإنما خاطب امرأة على عادتهم في نسبة الملامات بسبب التبذير والإسراف والتوسع في الإنفاق إليهن، وإقامة الحجاج والجدال في الأنصباب إلى جوانب الخسارات معهن. ويجوز أن يكون التبجح عندها بما يحمد من خصاله، فلذلك خصها بالخطاب.

<<  <   >  >>