يأيها المتمني أن يكون فتى ... مثل ابن زيد لقد خلى لك السبلا
أعدد نظائر أخلاق عددن له ... هل سب من أحد أو سب أو بخى
يقول: يا من يود ويشتهي أن يكون فتوته مثل فتوة عروة بن ويد الخيل، لقد خلى لك الطرق في اكتساب مناقب الفتوة وادخار أسبابها وموجباتها، فاسع واطلب، لأن مباغيك إن قدرت معرضة لك، وغير ممتنعة عليك، وسبلها غير منسدة ولا محجوبة عن ذهابك واختراقك، ثم قال: هات خصالك واعدد نظائر أخلاقه المعدودة له، وانظر هل أنت في اشتمال الكرم والتحاف العز بحيث لا تسب أحداً تعلياً وارتفاع منزلة، وفي نقاء الجيب وطهارة الأصل والفرع بحيث لا يسبك أحد توقياً وتعففاً، وهل تقف موقفاً تبعد فيه وتتنزه عن أن يقال: ما بخل بما في يده، ولا منع أحداً على رجائه به، فإنه حينئذ يبين لك تفاوت ما بينك وبينه.
وقال آخر:
لم أر معشراً كبني صريم ... تلفهم التهائم والنجود
أجل جلالة وأعز فقداً ... وأقضى للحقوق وهم قعود
وأكثر ناشئاً مخراق حرب ... يعين على السيادة أو يسود
قوله تلفهم التهائم أي تجمعهم، وانتصب جلالة على التمييز، وكذلك قوله فقداً، ولا يجوز أن يكون مصدراً، أعني قوله جلالة، لأن أفعل هذا لا يؤكد بالمصدر، فهو من باب شعر وموت مائت، لأن أصله مأخوذ من جلال جليل. وانتصب أجل بفعل مضمر، كأنه قال: لم أر أجل جلالة منهم، لكنه اختصر وحذف. وقوله تلفهم التهائم موضعه نصب لأنه صفة لقوله معشراً، والتقدير: لم أر معشراً تلفهم الأغوار والأنجاد كبني صريم، وام أر أجل جلالة منهم أيضاً. وتهامة من الغور، بل هو أعمقها. ثم بين ما فضلهم فيه بعد أن أبهم، وفصل ما أجمل،