وقوله " فقال ألا أضحت لبوني كما ترى " أخذ يتبجح عنده بوفور ماله وسمنها، وتراكم اللحم والشحم على ظهورها، فأخذ يعجبه منها، ثم شبه اللحم للسمن على لباتها بطين قصور طينت به، فالإبل كالقصور، وما قذف به من زيادة اللحم كالطين. وهذا كقول القطامي:" كما بطنت بالفدن السياعا " وقوله " فقلت عسى أن يحوي الجيش "، هذه أسنية تمناها. أراد كايدته وقلت عسى أن يقبض الله لها جيشاً يحويها، ويحول بينك وبين التمتع بها، فلا يسعى عليها مالك واحد ولااثنان، لكنها تصير مقسمة في المغيرين، موزعة في السالبين. ويجوز أن يريد: لايتفقدها مصلحاً لها لا واحد ولا اثنان، لكنها تساق وتذال بالغارة وتهان.
ورحت إلى دار امرىء الصدق حوله ... مرابط أفراس وملعب فتيان
ومنحر مئناث يجر حوارها ... وملعب إخوان إلى جنب إخوان
فقال ألا أهلاً وسهلاً ومرحباً ... جعلتك منى حيث أجعل أشجاني
فقلت له جادت عليك سحابة ... بنوء يندى كل فغو وريحان
وقلت سقاك الله خمر سلافة ... بماء سحاب حائر بين مصدان
قوله " دار امرىء الصدق " ضد قولهم: امرىء السوء، والمعنى فيهما نعم الرجل وبئس الرجل. وإذا قصد إلى الوصف به فتح فقيل الصدق. يقال: رجل صدق ونساء صدقات. والسوء يوصف به فيقال الرجل السوء. وقال الخليل: الصدق بفتح الصاد: الكامل من كل شيء. فتقول: عدلت رائحاً إلى الرجل الكريم الممدح بالألسنة، المرضى المحبب إلى كل طائفة، المرزأ في ماله، المنفاق على أضيافه