فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت وأعداني فأتلفت ما عندي
قوله " أبتغي الغنى " في موضع الحال، وأفدت بمعنى استفدت. يقول: لما زرته صافحته واضعاً كفي في كفه، وملتمساً الغنى من عنده، وراجياً نيل الخير في قصده، ولم أعلم أن السخاء يعدي من يده، فلا أنا استفدت من جهته ما استفاده الأغنياء منه، وأعداني لمس كفه الجود فأهلكت ما عندي أيضاً.
وقوله " ما أفاد " في موضع المفعول من قوله أفدت.
وقال آخر:
إذا لاقيت قومي فاسأليهم ... كفى قوماً بصاحبهم خبيرا
هل اعفو عن أصول الحق فيهم ... إذا عسرت وأقتطع الصدورا
يتبجح قائله عند المرأة التي خاطبها، بسهولة جانبه، وترك المناقشة في استخراج حقوقه، وسماحة نفسه بما يملكه، فيقول: إذا رأيت قومي فارجعي إليهم سائلةً عني، ومستخبرةً حالي ومعتمدةً على ما تسمعينه من قصتي وأمري، فكفى بقومي عالماً بي وبأخلاقي. وقوله " كفى قوماً بصاحبهم " مقلوب وكان الواجب أن يقول: كفى بقومي خبيراً بصاحبهم، ويعني بصاحبهم نفسه. والخبير: ذو الخبرة التامة والمعرفة الكاملة. وانتصابه على الحال إن شئت، وإن شئت على التمييز وقد وضع خبيراً موضع خبراً، ومثله في القرآن:" وحسن أولئك رفيقاً ". وفاعل كفى قبل القلب " بقومي " وهذا كقوله تعالى: " كفى بالله شهيداً " والباء زائدة.
وقوله:" هل أعفو عن أصول الحق فيهم " يريد سليهم هل أسامح بما يجب لي من أصول حقي، وهل أترك الاستقصاء في استخراجها، وهل أعنف بهم إذا تعسرت عندهم، وهل أجبى صدر ما يحل لي ويجب راضياً به، وغير معرج على أواخره وأعجازه، لئلا أكون مناقشاً في الاستقصاء مضايقاً، ويكون هذا مثل قول