روى زنداً فبعض الشيوخ كان يقول: أراد ولا يرد بكاي شررة، فذكر الزند وأراد ما يخرج منه عند القدح. وأحسن من هذا أن يكون ذكر الزند تقليلاً لعائدة الحزن لو تكلفه عندما دهمه من الفجيعة بالأخ المذكور. وهم يستعملون الزند في هذا المعنى، كما يستعملون الفوف والنقير والقطمير والفتيل. وحكى أبو زيدٍ أنهم يقولون إذا قللوا مال الرجل: زندان في مرقعةٍ. وهذا المعنى حسنٌ، والشاهد له قوي. ورأيت في بعض النسخ: ولا يرد بكاي رداً، وهذا حسنٌ أيضاً، ويكون المعنى: ولا يرد بكائي مردوداً. والمعنى: ولا يغني بكائي شيئاً. وفي كلام الناس: هذا الأمر أرد عليك، أي أنفع وأجدى. وإنما عقب نفي الجزع بهذا الكلام تنبيهاً على أن صبره عن تأدبٍ وتبصر ومعرفةٍ بالعواقب، وحسن تأمل.
ألبسته أثوابه ... وخلقت يوم خلقت جلدا
يقول: توليت تكفينه وتجهيزه بنفسي، وخلقت صبوراً حين خلقت. وهذا يريد به أنه جمع إلى الجلادة المكتسبة جلادة الخلقة والطبيعة.
أغنى غناء الذاهبي ... ن عد للأعداء عدا
قول الذاهبين يجوز أن يريد بهم من انقرض من عشيرته وذويه، ويكون المعنى أنه المعتمد عليه بعدهم، ويجوز أن يريد بهم المتغيبين عن المشاهد والمعارك. وقوله أعد للأعداء عدا يجوز أن يكون المعنى: يقال في للأعداء: خذوا فلاناً فإنه يعد بكذا وكذا من الفرسان. ويقال إن عمراً كان يعد بألف فارس. ويجوز أن يكون المعنى أهيأ للأعداء معدوداً، فيكون عداً انتصابه على الحال، وموضوعاً موضع المعدود، وأعد مستقبل أعددت، أي هيئت. وفي الأول يكون مصدراً لأعد. والواحد لا يصح عده ولكن كأنه يقال فيه: إنه يقوم مقام كذا وكذا من العدد. ويروى أعد للأعداء بفتح الهمزة، ويحتمل وجهين من المعنى: أن يقول أعد لهم وقعاتي وأيامي عند المفاخرة والمنافرة عداً؛ وهذا معنى حسنٌ. والآخر أن يكون المعنى: أعد لهم كل ما يحتاج إليه من عددٍ وعدةٍ، وهذا يؤذن بأنه يدبر أمر الحرب؛ ويرجع إليه في أسبابها والجمع لها وهذا يرجع معناه إلى معنى يروى أعد للأعداء بضم