فيما أظن يريد: قال الناس وهم يحمونني الماء واللبن: لا تشربهما وإن اشتد حمى كبدك، وغليل جوفك، فإنه يثقل عليك، ويزيد في ألمكمن العارض لك. فقلت مجيباً لهم: إن كان اللبن ممزوجاً بماء هذه العين يورثني خبالاً، ويسكبني إتخاماً، وهو غذائي ومساك قوتي منذ كنت، إنني لمتناهي السقم والله. فأطلق لفظة سقيم، والمراد المبالغة، وفعيل من أبنيتها.
ومثل هذا مما رمى به هذا المرمى قول الآخر، وقد مر في باب النسيب:
فهذا بإزاء ذاك، وهو على منهاجه. ومعنى " بلغى داءً " كسبني وأنزل بي. وقوله " بماء مويسلٍ "، الباء أفاد الجمع والاختلاط. ويقولون: خذ كذا بكذا، والمعنى مجموعاً إليه ومخلوطاً به.
؟ وقال حندج بن حندج:
في ليل صول تناهى العرض والطول ... كأنما ليله بالليل موصول
لا فارق الصبح كفي إن طفرت به ... وإن بدت غرةٌ منه وتحجيل
لساهر طال في صولٍ تململه ... كأنه حيةٌ بالسوط مقتولٌ
جعل الليل كالمجسمات حتى صار ذا طول وعرض عنده. وقال:" تناهى العرض والطول " لأنه قد علم أنهما لليل، كما أنك تقول: زيد حسن الوجه، لأنه علم أنه لم يرد إلا وجهه. والمعنى أن في ليل هذا المكان بلغ الطول والعرض نهايتهما وغايتهما، حتى وقفا لا مستزاد فيهما، فكأنماليل صولٍموصولٌ بجنسه كله، فليس ينقطع ولا ينكشف.