ثم جعل الليل لامتداده واتصال دوامه كالمتحير كواكبه عن المسير. القائم على حدٍ لا يزول عنه " ولا يحول "، ولا يجنح ولا يميل.
والمشكول: المقيد. وهذا المعنى هو الذي يؤمه امرؤ القيس في قوله:
كأن الثريا علقت في مصاصها ... بأمراس كتانٍ إلى صم جندلٍ
وشبه النجوم في إضاءتها بالقناديل، وإنما يعلو ضوء الكواكب ويزهر عند تراكم الظلام واستحكامه. والركد: جمع الراكد. وجعل الكواكب في الجو لأنه توهمها كالقناديل المعلقة.
ما أقدر الله أن يدني على شحطٍ ... من داره الحزن ممن داره صول
الله يطوي بساط الأرض بينهما ... حتى يرى الربع منه وهو مأهول
قوله " ما أقدر الله " لفظه تعجبٌ ومعناه الطلب والتمني. وكان الواجب أن يقول: ما أقدر الله على أن يدني، فحذف الجار، ومثل هذا الحذف يكثر مع أن لطوله بصلته. والشحط: البعد، شحط شحطاً وشحوطاً. قال:
والشحط قطاعٌ رجاء من رجا
لكنه حرك الحاء. ويقال: منزلً شاحط وشحيط. وموضع " على شحطٍ " نصب على الحال.
وقوله " الله يطوي بساط الأرض بينهما " البساط: الأرض الواسعة. وجعل الكلام لما يتمناه، ويطلب قربه ويتشهاه، على أنه إخبارٌ عن الشيء وقد وقع. وكل ذلك تحقيقٌ لما يؤمله ويسأله. وهذا كما يجعل الدعاء على لفظ الخبر، كأنه لقوة الأمل يجعل المطلوب في حكم ما قد حصل. وقوله " حتى يرى الربع منه "، يعني الربع بالحزن ممن هو مقيمٌ بصولٍ.