اللؤم أكبر من وبرٍ ووالده ... واللؤم أكرم من وبرٍ وما ولدا
فضل اللؤم في اللفظ عليهم وعلى أسلافهم، والقصد به إلى تفضيله على أخلاقهم وأفعالهم وطباعهم، لأن الشرط تشبيه الأحداث بالأحداث، والذوات بالذوات. وإذا كان كذلك فقد حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، كأنه قال: اللؤم أكرم من أخلاق وبرٍ وأخلاق والده، وقوله " ووالده " دخل فيه كل أبٍ لهم، كما دخل في قوله " وما ولدا " كل ولد لهم. واللؤم: خصالٌ منكرة، إذا اجتمعت سميت لؤماً، كدناءة النفس والآباء والبخل مردداً فيهم، والنظر في الأمور التافهة المخزية. ووبر في اللغة: دويبةٌ أصغر من السنور طحلاء اللون ترجن في البيوت، وجمعه وبارٌ. ويسمى بهان ثم جعلت للقبيلة. فإن قيل: لم لم يقلك ومن ولدا؟ قلت: أشار إلى الجنس وما يقع للأجناس.
قومٌ إذا ما جنى جانبهم أمنوا ... من لؤم أحسابهم أن يقتلوا قودا
يقول: هم قومٌ إذا جر واحدٌ منهم جريرةً أمن جميعهم، لدقة أصولهم، ولؤم أحسابهم، أن يؤاخذوا كلهم بها، فكيف الواحد منهم. كأن القبيلة بأسرها لا يعدون بواءً لقتيلٍ فيقتلوا به، فالأمن الذي شملهم عند اتفاق الجنايات منهم لهذا. والقود: أن يقتل القاتل بالقتيل، فيقال: أقدته به. وإذا أتى الرجل صاحبه بمكروهةٍ فانتقم منه بمثلها، قيل: استقادها منه، وهذا كما قال الآخر:
من ذا يعض الكلب إن عضا
ونقله أبو تمام فقال:
أما الهجاء فدق عرضك دونه ... والمدح عنك كما علمت جليل
فاذهب فأنت طليق عرضك إنه ... عرضٌ عززت به وأنت ذليل
اللؤم داءٌ لوبرٍ يقتلون به ... لا يقتلون بداءٍ غيره أبدا