يعني بالشيخ عثمان بن عفان رضي الله عنه. المعنى: إنا طالبون بدمه، فإذا أدركنا ثأره فحسبنا ذاك. وهذا معنى قوله ثم بجل. وموضع بجل رفعٌ على الابتداء وخبره مضمر، كأنه قال: ثم بجلنا ذلك، أي حسبنا ذلك. وثم عاطفةٌ لجملةٍ على جملةٍ. وقال لبيدٌ:
بجلي الآن من العيش بجل
وحكى الأخفش أن بجل ساكنةٌ أبداً. يقولون بجلك، كما يقولون قطك وقدك، إلا أنهم يقولن بجلى ولا يقولون بجلني كما يقولون قطني وقدني، وهو القياس مع مجيئه على السكون. وانتصاب بني ضبة بفعل مضمر، والقصد فيه المدح والاختصاص. وخبر المبتدأ الذي هو نحن أصحاب، والتقدير: نحن - أذكر بني ضبة - أصحاب الجمل. وهذا الكلام ينبه به على أنهم مجدون في طلب دم عثمان رضي الله عنه، لأن الذين خرجوا مع عائشة رضي الله عنها وقاتلوا يوم الجمل كان دعواهم طلب الثأر. ولو قال نحن بنو ضبة لكان يسقط فخامة المدح وتعظيمه، وكان يصير أصحاب صفةً وبنو خبراً، وكان يجوز أن يكونا جميعاً خبرين، ويجوز أن يكون أصحاب بدلاً من بنو. وقوله ننعي ابن عفان كان عادتهم إذا مات رئيسٌ فيهم عظيم الشأن والمحل أن يطوف واحد منهم على القبائل، ويصعد الروابي المطلة عليهم، والآكام المرتفعة بمحالهم ويقول: نعاء فلاناً؟! يريدون تشهير أمره، وتعظيم الفجع به، وربما أرخوا بموته. فيقول: نحن نجعلا بدل هذا الفعل أن نطلب دمه بأطراف الرماح. وهذا معنىً حسن.
؟ وقال آخر:
داو ابن عم السوء بالنأي والغنى ... كفى بالغنى والنأي عنه مداويا
يقول: عالج ما بينك وبين ابن عم السوء من التضاغن والتباين، والتغابط والتحاسد، بالبعد منه، والاستغناء عنه. ثم قال: وكفى بهما من مداوٍ معه. وهذا يجري مجرى الالتفات، وهو تنبيهٌ على أنهما الغاية فيم يحسم به شره، ويدفع به