للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضيره. وموضع بالغنى رفعٌ بكفي. ومداوياً يجوز أن يكون حالاً ويجوز أن يكون تمييزاً، وهو أحسن، ومثله: " كفي بالله شهيداً ". والكلام يجري أيضاً مجرى التأكيد فيما دعا إليه، والتحقيق لغناء ما أشار به.

جزى الله عنا محصناً ببلائه ... وإن كان مولاي القريب وخاليا

محصنٌ المذكور، هو ابن عمه الذي تأذى به فدعا عليه. يقول: جزاه الله بفعله فينا، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً، وإن كان متصل النسب بطرفي أبي وأمي.

يسل الغنى والنأي أدواء صدره ... ويبدي التداني غلظة وتقاليا

السل: النزع. والأدواء: جمع الداء. وهذا مثل ما روى: " أن مر ذوي القربات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا "، وزاد عليه أيضاً بما شفع النأي به من ذكر الغنى. ونبه أيضاً على أن في التداني تحاسداً يبدو معه القلى والقسوة لأن الكلام كالتعليل للأمرين اللذين رغب في أحدهما وزهد في الآخر، وهما التداني والتنائي. والمثل السائر: " فرق بين معدٍ تحاب " مثل البيت.

أعان على الدهر إذ حك بركه ... كفى الدهر لو وكلته بي كافياً

هذا الكلام شكايةٌ مما عامله به محصنٌ، وتصريح بأذاه، فيقول: لم يرض بالقعود عني وإسلامي للدهر حتى صار عوناً له علي، لما أخذ يؤثر تأثيره، ويلقي كلكله وجرانه. ثم قال منتقلاً عن الأخبار عنه إلي مخاطبته، وإظهاراً للجزع من فعله. لو اتخذت الدهر وكيلاً واعتمدت عليه، دون أن تباشر مساءتي بفعلك لكفاك. ومثل هذا القول، أعني كفى الدهر، يسمى التفاتاً. وقوله كافياً يجوز أن يكون تمييزاً، ويجوز أن يكون في موضع المصدر، أراد: كفى الدهر لو وكلته بي كفايةً. واسم الفاعل يقع موقع موقع المصدر كثيراً كما يقع المصدر موقع اسم الفاعل. ومثله قول

<<  <   >  >>