والكلام لفظه لفظ الخبر والمعنى معنى القسم. وهذا من الأيمان الشريفة. ويروى:" لشر الناس ". والمعنى: أنا شر الناس إن أحمل هؤلاء القوم بياتاً على حالةٍ منكرةٍ، وخطةٍ صعبة، لا يستقر عليها، ولا يثبت على ظهرها.
وفي هذه الطريقة قول الآخر:
لقد حملت قيس بن عيلان حربنا ... على يابس السيساء محدودب الظهر
فقوله نابية الظهر مثل قول هذا محدودب الظهر، أي ظهرها يجفو لنتوه ونبوه فيقلق راكبها ولا يقر، وجواب الجزاء الفاء في قوله وإني لشر الناس.
وحتى يفر الناس من شر بيننا ... ونقعد لا ندري أننزع أم نجري
تعلق حتى بفعلٍ مضمرٍ، كأنه قال: وأديم ذلك لهم حتى يفر الناس، أي إلى أن يفر الناس. والمعنى: إني لا أزال أتمادى في اللجاج والشر، وأترقى في درجات النزاع والحرب، حتى يسقيل الناس من مشاركتنا وملابستنا فيما نزاوله، ويستعفوا من التوسط بيننا وردنا عما نقتحمه، وينفضوا أيديهم من استطلاحنا ونتحير نحن أيضاً ونرتبك إذا توسطنا أمورنا فلا ندري أنقصر ونكف، أم نجري فننفذ. وهذا إلمامٌ بما سار به المثل في قصة السالئة للسمن، وبقول الشاعر:
وكنت كذات القدر لم تدر إذ غلت ... أتنزلها مذمومةً أم تذيبها
وفي المثل السائر:" اختلط الخائر بالزباد ". وقوله " لاندري " في موضع الحال.