ويجوز أن يكون الأول والثاني في موضع الحال، والمصبح الذي يؤتى صبحاً للغارة، ويستعمل في الخير أيضاً، يقال: صبحك الله بخيرٍ. فإن قيل. لم قال فوارس والتمييز يؤتى به موحد اللفظ. قلت: إذا لم يتبين كثرة العدد واختلاف الجنس من المميز يؤتى بالتمييز مجوع اللفظ متى أريد التنبيه على ذلك. وعلى هذا قول الله تعالى:" قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً "، كأنه لما كانت أعمالهم مختلفةً كثيرةً، نبه على ذلك بقوله: أعمالاً ولو قال عملاً كان السامع لا يبعد في وهمه أن خسرهم كان لجنسٍ واحد من أجناس المعصية، أو لعملٍ واحدٍ من الأعمال الذميمة. فكذلك قوله " فوارس " جمعه حتى يكون فيه إيذانٌ بالكثير.
أكر وأحمى للحقيقة منهم ... وأضرب منا بالسيوف القوانسا
المصراع الأول ينصرف إلى أعدائه وهم بنو أسد، والمصراع الثاني إلى عترته وأصحابه. والمراد: لم أر أحسن كراً، وأبلغ حمايةً للحقائق منهم، ولا أضرب للقوانس بالسيوف منا: وانتصب القوانس من فعل دل عليه قوله " وأضرب منا ". ولا يجوز أن يكون انصابه عن أضرب لأن أفعل الذي يتم بمن لا يعمل إلا في النكرات، كقولك: هو أحسن منك وجهاً. وأفعل هذا يجري مجرى فعل التعجب، ولذلك تعدى إلى المفعول الثاني باللام، فقلت ما أضرب زيداً لعمرو. وقول الله تعالى:" الله أعلم حيث يجعل رسالاته "، موضع حيث نصبٌ مما دل عليه أعلم. والقونس، قال الدريدي: هو أعلى البيضة وقال غيره: قونس الفرس: ما بين أذنيه إلى الرأس. ومثله قونس البيضة من السلاح.
إذا ما حملنا حملةً نصبوا لنا ... صدور المذاكي والرماح الدواعسا
يروى:" إذا ما شددنا شدةً ". يقول: إذا حملنا عليهم ثبتوا في وجوهنا، ونصبوا صدور الخيل القرح، والرماح المعدة لذلك. ولدعس: الدفع في الأصل، ثم يستعمل في الطعن وشدة الوطء والجماع. والذكاء: ضد الفتاء. ويقال فرسٌ مذكٍ، إذا تم سنه وكمل قوته. وفي المثل:" جرى المذكيات غلابٌ ". ويقال " غلاءٌ ". ويقال: فتاء فلان كذكاء فلان وكتذكية فلان، أي حزامته على نقصان سنه كحزامة ذاك مع استكماله لسنه. وقال زهير بن