للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حذفه، لم يبال بإظهاره، لأن الذي هو فاردٌ رب النجوى لا غير. ومعنى إصغاء الخد الإذلال والانحراف للفتور والخجل. والقوى: جمع قوة، وأصلها طاقات الحبل، ثم استعملت في الآراء والعزائم. وأصل النجوى المسارة، فاستعيرت للمشورة لأنها في أكثر المواضع تقع بها. ويقال: فلانٌ نجي فلانٍ، وتناجوا فيما بينهم وانتجوا، وهم نجوى، وصفٌ بالمصدر. وفي هذه الطريقة قول الآخر:

ومن لا يكن ذا ناصرٍ يوم حقه ... يغلب عليه ذو النصير ويضهد

فحارب فإن مولاك حارد نصره ... ففي السيف مولىً نصره لا يحارد

يقول: حارب من قصد جارك وأعان عليه، ولا تقعد عن نصرته والانتصار له، فإن لم يعاونك فيما ترومه مواليك، وتأخروا عن النهوض معك، فاستعن بالسيف، فإن فيه مولىً لك لا يخذلك، ولا يتباطأ عنك. وهذا كما قال غيره:

أنخنا فحالفنا السيوف على الدهر

والمحاردة أصلها في قلة اللبن، واستعير في قلة الموازرة والمظاهرة. وقوله " فإن مولاك " ارتفع مولاك يفعل مضمر ما بعده. تفسيره، لأن إن بالفعل أولى.

وقال أيضاً: وهذه الأبيات تعد من المنصفات:

فلم أر مثل الحي حياً مصبحاً ... ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا

أشار بالحي إلى قومٍ معهودين. يقول: لم أر مغاراً عليه كالذين صبحناهم، ولا مغيراً مثلنا يوم لقيناهم. فقسم الشهادة قسم السواء بين أصحابه وأصحابهم، وتناول بالمدح كل فرقةٍ منهم. وانتصب قوله " حياً مصبحاً " على التمييز، وفيه دلالةٌ على جواز قول القائل: عندي عشرون درهما وضحاً. وكذلك قوله فوارساً تمييز وتبيين.

<<  <   >  >>