يقول: ألهب قيس بن زهير البلاد على ناراً تتوهج، فلما استعرت وتأججت هرب وتركني اصطلي بها وإنما قال هذا لأن قيساً ترك أرض العرب وانتقل إلى عمان بعد إثارة الفتن واهتياج الشر، في سبق داحس. والإجذام: الإسراع في السير، وجعله مثلاً لانزوائه ونفضه اليد مما كان لابسه وتولاه من إيقاد نار الحرب بين الفريقين.
جنية حربٍ جمتخت فما ... تفرج عنه وما أسلما
جنيٌ: فعيلٌ في معنى مفعول، لكنه ألحق الهاء به لأنه جعله اسماً، كما ألحق بالبنية وهي الكعبة، وبالذبيحة والنطيحة. وهذا اعتدادٌ على قيسٍ بما جناه، وتحمدٌ بما أتاه، وامتنانٌ بأنه لم يقعد عن نصرته، ولم يخذله وقت حاجته، ولم يخله للأعداء وقت إقامته، ولا ترك النيابة عنه واعتناق الأمر بعد غيبته، بل نهض في الشر والقتال ما اتصل نهوضه، وتفرد بالدفاع عنه عند فتوره ونفوره. وقوله " فما تفرج عنه "، أي ما تفرق عنه ولا تكشف.
غداة مررت بآل الربا ... ب تعجل بالركض أن تلجما
أقبل يخاطب بعد ما كان يخبر، على عادتهم في تصاريف كلامهم، وقوله " غداة مررت " ظرفٌ لما دل عليه أجذما. أي هربت في ذلك الوقت والأوان. و " تعجل " في موضع الحال. والمعنى: اجتزت بآل هذه المرأة مستعجلاً بركض الأعداء في أثرك، حتى لم تتسع لإلجام دابتك، ولم تأمن ريث إصلاح أمرك، والتهيؤ لنجاتك. وقوله " أن تلجم " في موضع النصب من تعجل، وكان الواجب أن يقول تعجل بالركض عن أن تلجم، فحذف الجار ووصل الفعل فعمل. وفي القرآن:" وما أعجلك عن قومك يا موسى ".
؟ وكنا فوارس يوم الهري - ر إذ ما سرجك فاستقدما يوم الهرير معروف. وإنما قال كنا فرسان هذا اليوم، لما كان عرف من جميل بلائهم، وحسن ثباتهم فيه ووقائهم، وليذكر بتبريزهم حين نكصوا على أعقابهم، وقصروا عن شأوهم. وذكر ميل السرج مثلٌ، وقول جرير يشهد لذلك