للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكشفه، حين قال:

قل للجبان إذا تأخر سرجه ... هل أنت من شرك المنية ناج

والمراد اضطراب الأمر وفشل الرأي وتمكن الخوف والدهش من المنهزم، ونزوله عما يهم بركوبه. وفي طريقته قول الآخر:

لا تجعلونا إلى مولى يحل بنا ... قد الجزام إذا ما لبده مالا

وكما جعل الحزام مثلاً لتدارك الأمر وتلافي فاسده على الوجه الذي تراه، جعل ترك شد الحزام عند ما يطرق أو ينوب مثلاً للتحزم والتجمع قبل نزول الخطب، حتى إذا بدت أعناقه لا يحتاج إلى استئناف شيءٍ لتمام أهبته. وعلى ذلك قول امرئ القيس:

أقصر إليك من الوعيد فإنني ... مما ألاقي لا أشد حزامي

فتأمل ما فتحنا مبهمة تنل كل فائدةٍ، وتظفر بكل غنيمة. ويقال: استقدم بمعنى قدم، وفي ضده استأخر بمعنى تأخر. والمعنى: كنا فرسان هذه الوقعة في هذا اليوم المشهور، حين كنت للشر معوراً، وعلى شفا البلاء موفياً.

عطفنا وراءك أفراسنا ... وقد أسلم الشفتان الفما

يقول: تعطفنا عليك في ذلك الوقت، ودافعنا دونك، وقد كشرت الأسنان وأسلمتها الشفاه، تقلصاً عنها ويبوسةً حادثةً فيها. وذكر الفم كنايةٌ عن الأسنان؛ كما يقال فض الله فاه. ويقال في هذا المعنى ذبت الشفاه. ومثله قول عنترة:

إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم

والواو من قوله قد أسلم الشفتان واو الحال. والاستعارة بإسلام الشفتين في نهاية الحسن.

<<  <   >  >>