دارت بأرزاق العفاة مغالقٌ ... بيدي من قمع العشار الجلة
قوله " أرزاق العفاة " كلامٌ شريفٌ، وتقدير البيت: دارت بيدي مغالق بأرزاق العفاة من قمع العشار الجلة، ففصل بالفاعل بين الأرزاق وبين من قمع العشار. والعفاة: جمع العافي، والجمع على فعلةٍ يختص بالمعتل دون الصحيح. يقول: وإذا صار الزمان كذا دارت القداح في الميسر بيدي لإقامة أرزاق الطلاب من أسنمة النوق المسان الكبار الحوامل، التي قرب عهدها بوضع الحمل، وكل ذلك يضن بها، ويتنافس فيها، وإنما سميت القداح مغالق لأن الجزر تغلق عندها وتهلك بها. والقمع: قطع السنام، الواحدة قمعةٌ: والقميع: ما فوق السناسن من السنام. وبعيرٌ قمعٌ: عظيم القمع. ويقال سنامٌ قمعٌ، أي عظيمٌ قد تمكن فيه الشحم. والعشار: جمع عشراء، وهي التي قد أتى عليها من حملها عشرة أشهرٍ، وتستصحب هذا الاسم فتسمى به بعد وضعها الحمل بأشهرٍ. كأنه نبه على أنه يعتبط صحاح الإبل وخيارها، لا كسيرها وهزلاها.
ولقد رأيت ثأى العشيرة بينها ... وكفيت جانيها اللتيا والتي
الثأى: الفساد. يقال ثأى الجرح يثأى ثأى. والرأب: العشب والإصلاح. يقول: وكما ظهر غنائي في تلك الأبواب فلقد سعيت في إصلاح ذات البين من العشيرة، ورد التعطف الذاهب عنها إليها، ولم شعثها، وضم نشرها، وكفيت من جني منها الجناية الصغيرة والكبيرة، بالمال والنفس، والجاه والعز. وقوله " جانيها " إن فتحت الياء كان واحداً وإن أدى معنى الجمع، وإن سكنت الياء جاز أن يكون جمعاً سالماً وأن يكون واحداً قد حذف فتحتها. وقوله " اللتيا " تصغير التي، فجعلهما اسمين للكبيرة من الدواهي والصغيرة، ولهذا استغنيا عن الصلة وانتقلا عن كونهما وصلتين. ويذهب بعضهم إلى أن صلتيهما محذوفتان لدلالة الحال عليهما.
وصفحت عن ذي جهلها ورفدتها ... نصحي ولم تصب العشيرة زلتى
وكفيت مولاي الأحم جريرتي ... وحبست سائمتي على ذي الخلة
قوله " وصفحت عن ذي جهلها " يصف نفسه بالحلم معهم، وكظم الغيظ فيهم، ومنع سفهائهم. يقول: وعفوت عن جاهلها فلم أؤاخذه بما بدر منه من هفوةٍ أو زلةٍ، ثم بذلت نصحي لعشيرتي، وحسنت لهم عشرتي مقدار جهدي، ولم أجر