الفرس منه، وهو العظم الذي تحته العصفوران. هكذا قال أبو عبيدة. وقال الأصمعي: هو والعصفوران سواء، والقد: القطع طولاً، فإن كان عرضاً فهو القط. وقوله " وبيضاء من نسج ابن داود " فإنه عنى به درعاً، والمراد تعداد عدته واحداً واحداً. أي أرهبتهم بدرع نقية اللون من الصدا داودية واسعةٍ، اخترتها من الملابس يوم اللقاء. وإنما قال " من نسج ابن داود " كما قال الآخر:
ونسج سليمٍ كل قضاء ذائل
وللعرب عادةٌ معوفةٌ في إقامة الأب مقام الابن، والابن مقام الأب، وتسمية الشيء باسم غيره إذا كان من سببه. والأعلام لا يدخلها المجاز، ولكن تستعار إذا حصل بها القصد وأمن معها اللبس عند الذكر. وانتصب الملابس على المفعول، لأن الفعل بعد انحذاف حرف الجر منه وصل إليه فنصبه. وأصلها تخيرتها يوم اللقاء من الملابس. ومثله قوله تعالى:" واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا ". والمراد: اختار موسى من قومه، ومثل هذا من الحذف لا ينقاس.
وحرميةٍ منسوبةٍ وسلاجمٍ ... خفافٍ ترى عن حدها السم قالسا
يريد: وبقوسٍ متخذة من شجر الحرم، لها نسبٌ لجودتها وعتق نجارها، حتى يقال فيها: ملكها فلانٌ، وورثها فلانٌ، واتخذها فلان، وهي القوس التي من شأنها كيت وكيت، وبنصالٍ طوالٍ خفافٍ تقلس حدودها السم وترشحه، لأنها أمهيت به وشربته. والقلس: القيء، يقال قلس قلسا، ثم يقال للدسعة تخرج إلى الفم القلس، بتحريك اللام. والسلاجم: الطوال، وأراد بها النبل كما هي، ويقال حرمٌ وحرمٌ. وانتصب قالسا على الحال للسم، كأنه قال: ترى السم ذا قلسٍ، أي ممجوجاً به ملقى من جوانب حدودها.
فما زلت حتى جنني الليل عنهم ... أطرف عني فارساً ثم فارسا
يروى " أطرف فرساناً وألحق فارسا ". يقول: لم أزل بياض ذلك اليوم أدفع في جوانب مجالي وأطراف أرضي، الفارس بعد الفارس، إلى أن تغشاني الظلام فحال بيني وبينهم، وستر كلاً منا عن صاحبه. ومعنى أطرف أجعله مني في طرف، وموضعه من الإعراب نصبٌ على أن يكون خبر ما زال. وأراد بقوله " فارساً ثم فارساً "