غيره. ويقال تعرقبت الفرس، إذا ركبتها من خلفها. وعراقيب الأمور: التباساتها وطلب الحيل والحجج فيها، وأنشدت:
فلا يعدمك عرقوبٌ للأيٍ ... إذا لم يعطك النصف الخصيم
والمعنى: لا يعدمك حيلةٌ لالتواء خصمٍ عليك.
وقال آخر:
إذا حبا قفٌ له تعرقبا
أي عدل عنه فالتوى. ومثل تعقبت في إفادته طلبت عقبه وعقباه: تفقدت الشيء وتعهدته؛ لأن المعنى طلبت فقده وعهده، أي نظرت هل فقدته وهل بقى على عهده. ومعنى البيت: إن بدرت من واحدٍ منهم كلمةٌ لم يوفق فيها للصواب، أو خفت عودها بغير صلاحٍ عدلت عنها وطلبت مكانها أخرى ذات متتبعٍ فأعقبتها بها.
أفر من الشر في رخوةٍ ... فكيف الفرار إذا ما اقترب
قوله في " رخوةٍ " أي تراخيه. وهو رخوٌ، أي مسترخٍ. كأنه أراد: أهرب منه مالم يتشدد. ونبه بهذا الكلام على أنه يتفادى من الشر ما أمكن، وأنه لا يستعمل البغي ولا يبتدئ الخصم، فإن جاء منه مالا معدل عن اقتحامه وركوب البلوى فيه، ولا معول إلا على الصبر على شدائده وتوسط الأذى العارض له خاضه متلقياً لمكارهه بعدته، مجاذباً للمنازعين بأقصى ما في طوقه وقوته، إلى أن يتحصل له الفلج والظفر، أو يتحصن عن لوم اللائمين بما يقيمه من العذر في المجاهدة والتثبت. ومثله قول هدبة ابن خشرم:
ولا أتمنى الشر والشر تاركي ... ولكن متى أحمل على الشر أركب
وقال أبو ثمامة أيضاً:
قلت لمحرزٍ لما التقينا ... تنكب لا يقطرك الزحام
تكب وتنكب بمعنًى واحدٍ. ويقول هو أنكب عن الحق، ومنه الريح النكباء، لعدولها عن مهاب الرياح الأربع. وهذا الكلام تهكمٌ واستهزاء، كأنه يرميه بأنه لم