ألقى السمع جهل امرأته وعدولها عن الصواب. وقوله وحيٌ باسلون صميم. فالبسول: عبوسة الشجاعة والغضب. ويقال بسل واستبسل. والصميم: خالصة الشيء وما به قوامه؛ ومنه قيل صميم الصيف والشتاء. ويقال للرجل: هو من صميم قومه، أي من محض أصلهم. ويوصف بالصميم الواحد والجميع.
قاتلتهم حتى تكافأ جمعهم ... والخيل في سبل الدماء تعوم
معنى تكافأ جمعهم: انكفؤوا فهزموا. وهذا من الكفء: قبلك الشيء لوجهه. ومنه كفأت الإناء، إذا قلبته. ويجوز أن يكون من الكفء: النظير والمثل، ويكون المعنى تكافؤوا في مدافعتي ومقاومتي، أي تساووا حتى لم يفضل أحدٌ منهم على الآخر في ذلك. وعلى هذا ما روي في الخبر:" المسلمون تتكافأ دماؤهم ". والسبل: ما سال من المطر والدم، ومنه أسبل الستر والإزار، إذا أرخاهما. ومعنى تعوم: تسبح؛ ويسمى الفرس عواماً، لسبحها في الجري. وعلى التشبيه قالوا: النجوم تعوم في الفلك. ومراد الشاعر اقتصاص الحال، وأنه قد أدى ما كان إليه من المجاهدة، فلا تبعة عليه.
إذ تتقي بسراة آل مقاعسٍ ... حذر الأسنة والسيوف تميم
قوله إذ تتقي ظرفٌ لقوله تعوم. والاتقاء: أن تجعل بينك وبين محذورك شيئاً يقيك. والسراة: جمع سري، والفعل منه سرا يسرو، ولم يجئ في المعتل فعلةٌ في الجمع إلا هذا؛ لأن هذا البناء يختص بالصحيح، نحو فسقةٍ وكتبة، فهو بإزاء فعلةٍ من المعتل نحو قضاةٍ ورماةٍ. وانتصب حذر الأسنة على أنه مفعولٌ له، وتميمٌ يرتفع بفعلهم، وهو تتقي، والتقدير: إذ تتقي وحين تتقي بسراة هؤلاء القوم تميمٌ حذاراً من الأسنة والسيوف.
لم ألق قبلهم فوارس مثلهم ... أحمى وهن هوازمٌ وهزيم
يجوز أن يكون عنى بالفوارس أصحابه الذين فجع بهم، فبين أنهم لم يؤتو فيما منوا به من ضغفٍ وفشلٍ، ولا من تقصير وكسل، بل حاموا عن أحسابهم جهدهم، ودافعوا عن أعراضهم طاقتهم، حتى لم يبقوا غايةً يتعلق بها حسن المحافظة إلا أشرفوا عليها، وراموا بجهد الممارسة تجاوزها. ويكون في وصف أصحابه بهذه