الصفة على الحد الذي عليه في وصف نفسه بقوله قاتلتهم حتى تكافأ جمعهم وبقوله يممت كبشهم بطعنة فيصلٍ. وإنما تكلف كل ذلك ليقم عذر نفسه وعذرهم فيما اتفق عليهم، وليرى أن ما لزمه وإياهم قد أدي بتمامه، وإن حال محتوم القدر بينهم وبين النجاج. ويجوز أن يكون المراد بهم فرسان الأعداء، ويكون ثناؤه عليهم على عادتهم في الرفع من الخصم عند اقتصاص الأحوال، ونسبته فيما تجاذبوه إلى الغناء والاستقلال، وكمال الشدة والاضطلاع، ليكون صورته غالباً ومغلوباً أحسن، والاعتداد بمجاراته ومجاذبته أوفر وأبلغ فأما قوله أحمى فالمراد به أحمى منهم، فحذف. وهذا الحذف من أفعل الذي يتم بمن يجوز إذا وقع خبراً لا صفةً، وقد تقدم القول فيه. أي لم ألق فرساً مثلهم قبلهم هم أحمى منهم هازمين ومهزومين. وقوله وهن هوازمٌ الواو واو الحال، والضمير منه لفرق الخيل وطوائفها، ولهذا قال هوازمٌ، لما كان فواعل يختص بجمع المؤنث إلا في الأحرف المعدودة عند الكلام في فوارس. ومثل هوازم قولهم الخوارج - لأن المراد به الفرق - وما أنشدناه أبو عليٍ النحوي الفارسي رحمه الله، للقطامي:
فوارس بالرماح كأن فيها ... شواطن ينتزعن بها انتزاعا
قال: وجاء في شعره أيضاً:
ما ينام سوافره
ثم قال: لا يمتنع أن يكون سوافر جمع سافرٍ الذي هو المصدر، كما قال الآخر:
فقد رأى الراءون غير البطل
فجمع باطلا على البطل، والباطل مصدرٌ، تقول قد قلت باطلاً كما تقول قد قلت حقاً. فأما قوله وهو هزيمٌ فهو فعيل بمعنى مفعول، والمراد به الكثرة لا الواحد، كأنه قال وهن من بين هازمةٍ ومهزومةٍ.