يؤدى إلى المقاتلة، فتفرد أولئك بعروة فقتلوه، وتفرد هؤلاء بخراشٍ فخلا به واحدٌ منهم منتهزاٌ للفرصة في الإسداء إليه، فقال له: كيف دليلاك؟ قال: قطاة! فألقى عليه رداءه وقال: أنجه. فمر لطيته، فلما انحرفوا للنظر في أمره قال لهم ممسكه: إنه أفلت! فطردوه فأعياهم، فلما رجع خراشٌ إلى أبيه وخبره بما جرى على عروة، وبما اتفق من صاحبه في باببه، اقتص قصته في هذه الأبيات.
وقد حكي فيما روي عن الأصمعي وأبي عبيدة أنهما قالا: لا نعرف من مدح من لا يعرفه غير أبي خراشٍ. وقد سلك من شعراء الإسلام مسلكه أبو نواسٍ في أبيات أولها:
ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثرٌ منهم جديدٌ ودارس
مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحانٍ جنيٌ ويابس
ولم أدر من هم غير ما شهدت لهم ... بشرقي ساباط الديار البسابس
ومر بي أبياتٌ لبعض الأغفال فيها:
سقياً لهم فتيةً تدمى سيوفهم ... لا علم لي غير أن القوم أحرار
فهذا ما رواه الناس وقد حكى أبو العباس في الكامل: أن خراشاً كان في القد مأسوراً، وأن آسره نزل به ضيفٌ فقام يحتشد له، فنظر ذلك الضيف إلى خراشٍ وكان ملقىً وراء البيت، فسأله عن حاله ونسبه فشرح له قصته وانتسب، فقطع إساره وخلاه، فلما رجع رب البيت قال: أسيري أسيري!! وأراد السعي في أثره، فوتر قوسه وحلف أنه إن تبعه رماه.
وقد ذكر أن ملقي الرداء كان مجتازاً بعروة، فرآه بادي العورة مصروعاً، ففعل ذلك به. فهذا قصته على الاختلاف فيه.
وقوله حمدت إلهي روي: حمدت الإله، وقل ما يقع في الاستعمال الإله معرفاً باللام، وقد أتى به على أصله، إذ كانت العادة جرت باستعمال لفظة الله بدله، حق جرى مجرى الألقاب في أن يكون مقدماً وسائر الصفات تتبعه. ومعنى اللفظة: