يا خير من يحسن البكاء له ال ... يوم ومن كان أمس للمدح
قد ظفر الحزن بالسرور وقد ... أديل مكروهنا من الفرح
إنما ناداه لقوله قد ظفر الحزن بالسرور، كأنه يريد إعلامه تأثير المصاب فيهم، وأنهم قد استبدلوا بعده بالسرور حزناً دائماً، وبالفرح مكروهاً راتباً. ومن نكرة. وقوله يحسن البكاء له اليوم صفة له، فيقول: يا خير إنسان كان المدح فيما مضى من الزمان أولى به، والبكاء عليه في الحال والاستقبال أحق له، قد تأدى حالنا بعدك إلى أن أبدلنا القدر بالفرح ترحاً متصلاً، وبالمحبوب مكروهاً لازما.
ومعنى ظفر الحزن بالسرور وأديل مكروهنا، أن الغلب لهما حتى لا ثبات للسرور والفرح معهما، ولا انتياش منهما. يبين ذلك أنه قال وقد أديل مكروهنا أي جعل له على الفرح دولةٌ. وقوله من الفرح يريد من المفروح به، وهو المحبوب؛ لأنه كما طابق الحزن بالسرور في الصدر، طابق المكروه بالمحبوب في العجز. وهذا كما يقال: لا يسرني بهذا الأمر فرحٌ ومفروحٌ به ومفرحٌ. والوصف بالمصدر ووضعه موضع الفاعل والمفعول مشهورٌ. وقد خرج في هذا الكلام جواب سائلٍ يقول: ما الفرق بين السرور والفرح؟ وكيف أتي بهما وهما بمعنىً واحد؟ وقال مطيعٌ أيضاً:
قلت لحنانةٍ دلوح ... تسح من وابلٍ سحوح
أمي الضريح الذي أسمي ... ثم استهلي على الضريح
ليس من العدل أن تشحي ... على فتىً ليس بالشحيح
أراد أن يدعو للقبر بالسقيا فجعل بدل الدعاء سؤالاً وتمنياً، لأن طريقة الجميع واحدةٌ فقال: قلت لسابةٍ فيها رعدٌ، فكأنها كانت تحن برعدها إلى شيءٍ كحنين الناقة إلى وطنها أو ولدها. دلوح، أي ثقيلة. يقال: مر البعير يدلح بحمله، أي