للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما زال من قتلى رزاحٍ بعالجٍ ... دمٌ ناقعٌ أو جاسدٌ غير ما صح

أخويهم يريد صاحبيهم. والعرب تقول: يأخا بكرٍ، يريد واحداً من بني بكر. والحواشي: صغار الإبل ورذالها. والنواضح: التي يستقى عليها الماء، واحدتها ناضحة. وسميت بذلك لأنه جعل الفعل لها كأنها هي التي تنضح الزراعات والنخيل. وهم يسمون الأكار النضاح. على ذلك قول الهذلي:

هبطن بطن رهاطٍ واعتصبن كما ... يسقى الجذوع خلال الدور نضاح

فيقول: مذمومٌ في أنصباء القوم من صاحبين لهم يقتلان طرد الإبل وسوقها، وسرقة البعران التي يستقى عليها. وإنما جعل الطرائد حواشي الإبل ونواضحها إزراءً بها، كما قالت كبشة أخت عمرو بن معد يكرب:

ولا تأخذوا منهم إفالاً وأبكرا

يعني في الدية. وهذا تعريضٌ بمن وجب عليه أن يهمه طلب دم صاحبهم فاقتصر من الأعداء على الغارة عليهم، وسرقة الإبل منهم. وفيه هزؤٌ أيضاً، وبعثٌ على طلب الدم.

وقوله وما زال من قتلى رزاح بعالجٍ دمٌ ناقع فالناقع: الثابت، مصدره النقوع. والماصح، قال الخليل: هو الراسخ في الثرى، وهو ها هنا الذليل، والدارس. يقال مصحت الدار إذا درست، ومصح الظل، إذا قصر.

قال الأعشى:

إذا الآل مصح

وهذا الكلام تذكير بدماء قتلاهم. ورمل عالج: موضع معروف. ورزاح: قبيلة. فيقول: ولا يزال من مقتولي هذه القبيلة بهذا المكان دم ثابت، أو يابس غير زائل. والمعنى أن دماءهم بحالها ما لم يثأروا بهم؛ لأن غسل تلك الدماء إنما يكون بما يصب من دماء أعدائهم.

<<  <   >  >>