معطوف على المفعول المضمر الذي أظهرته. والمسفوحة: المصبوبة. وقولها: جادت لمائحها أي أجابت داعيها وساعدت مستقيها. وقولها وأخرى تخنق معطوف على عبرة، كأنها قالت: وأد إليه أيضاً عبرة قد خنقتني وهي في الطريق لم توجد. وهذا الكلام يشتمل على اقتصاص حالها، وعلى ما في نفسها من الحسرات والآلام الفجيعة. والركائب: جمع ركوبة، وهي مفردة عن الموصوف، لا يقال ناقة ركوبة، وكذلك حلوبة وقتوبة. وقولها جادت لمائحها في موضع الصفة لعبرة، كما أن تخنق في موضع الصفة الأخرى. والمعنى: بلغه عني تحية وأعلمه من حالي بكاء يتصل ولا ينقطع، ودمعاً يساعد ولا يخذل، فمن سائل مسفوح، ومن خانق مدفوع. وجادت من الجود. ولك أن تروى لماتحها ولمَائحها. والمائح أبلغ، لأن المتح الاستقاء، والميح أن تدخل البئر ليملأ الدلو إذا قل الماء. والذي يدل على قلة الدمع والجهد في إسالته يكون أجود في الرواية.
فليسمعن النضر إن ناديته ... إن كان يسمع ميت أو ينطق
قولها إن ناديته شرط وجوابه ما دل عليه ليسمعن، وكذلك قولها إن كان يسمع ميت شرط ثان وجوابه يدل عليه ليسمعن. وترتيب الكلام إذا جاء على وجهه. إن ناديت النضر وقد أتيته عني فليسمعن نداءك وليجيبنك إن كان الميت يسمع أو ينطق. وقولها ليسمعن جواب يمين مضمرة ودل على ليجيبنك أيضاً، لأن من صح فيه السمع إذا دعى صح منه الجواب. وقد يقول الإنسان وقد سئل شيئاً: السمع والطاعة، والمفهوم فيه: إني أجيبك إلى ملتمسك. ويريد به الفعل لا سماع سؤاله من دون الفعل.
ظلت سيوف بين أبيه تنوشه ... لله أرحام هناك تشقق
أمحمد ولأنت نجل نجيبة ... من قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق
والنضر أقرب من أصبت وسيلة ... وأحقهم إن كان عتق يعتق
قولها ظلت سيوف بني أبيه تنوشه تحسر منها لما جرى على أبيها، تريد: صارت سيوف إخوانه تتناوله بعد أن كانت تذب عنه، وتضع منه بعد أن كانت ترفعه،