وتبتذل حرماته بعد أن كانت تصونها. ثم قالت كالمستعطفة والمتعدبة. لله أرحام وقرابات في ذلك المكان قطعت أسبابها، وهتكت أستارها.
وقولها هناك ظرف، والكاف كاف الخطاب، ويشار به إلى مكان متراخ. وإذا قيل هنالك فزيد فيه اللام كان آكد، والمشار إليه أبعد. والعامل في هناك تشقق، وهو في موضع الصفة للأرحام. واللام من قوله لله لام التعجب. وهم إذا عظموا شيئاً نسبوه إليه تفخيماً لأمره جل شأنه.
وقولها أمحمدٌ نونت المنادى المفرد المعرفة ضرورة، ولو رد إلى أصله فقيل أمحمدُ لجاز. وسيبويه يختار تركه على البناء في هذا المكان وإن نونه للضرورة، لمشابهة البناء في هذا المكان الإعراب. ولذلك جاز حمل الصفة عليه. ومثل هذا قول الآخر:
لا نسب اليوم ولا خلة ... اتسع الخرق على الراقع
فنون خلة، والفتح فيه للبناء، لأنه مبني كمنصوب. وبعضهم روى: أمحمد ها أنت نجل نجيبة، فأدخل ها التنبيه على الجملة وقد تعرت من حرف الإشارة. وقد جاء مثله. قال النابغة:
ها إنها عذرة إلا تكن نفعت ... فإن صاحبها قد تاه في البلد
والواو من ولأنت عاطفة للجملة ومفيدة معنى الحال، وكذلك الواو من قوله والفحل فحل معرق. والمعنى: أنت كريم الطرفين معم مخول. واستعطفته مقرظة ومثنية والمدعو له قولها: ما ضرك لو مننت. وهذا الكلام فيه اعتراف بالذنب، والتزام للنعمة والمنة في العفو لو حصل. فتقول: أي شيء كان يصرك لو عفوت والفتى وإن كان مغضباً مضجراً، منطوياً على حنق وعداوة، قد يمن ويعفو. هذا إذا جعلت ما استفهاما. ويجوز أن تجعل ما نافية والاستفهام في مثل هذا الكلام يفيد معنى النفي.