للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبالغة قالوا صيح. ويقال: سمعت الصيحة في الغارة وما أشبهها، وسمعت الصائحة، في صيحة المناحة. وقوله " ما يقولن مخارق " أدخل النون الخفيفة لتؤذن بالاستقبال، وموضع النونين الخفيفة والثقيلة الاستفهام وكل ما ليس بواجب، وإذا ظرف ليقولن، وجاوب جملة مضاف إليها وشرح إذا بها.

وقوله " ودليت في زوراء يسقى ترابها " أي أدخلت فأرسلت في حفرة معوجة، يعني اللحد، وقوله " يسفى ترابها علي " أي يهال ترابها عليه إذا دفن فيها. وقد مضى القول في السافياء والسوافي، إلا أنه يقال سفت الريح التراب سفياً، ثم قالوا: سفى التراب يسفى، والتراب ساف، وهو من باب فعل وفعلته. وقال بعضهم: كان يجب أن يقال في التراب مسفى فقيل ساف، كقولهم عيشة راضية وإنما هي مرضية. وقال الخليل: السفا: اسم ما تسفيه الريح من التراب وغيره. وطويلاً: انتصب على الحال، والعامل فيه دليت، وإقامتي في موضع الرفع على أنه فاعل طويلاً. والمقبور هكذا مقامه في الثرى. وهذا اقتصاص حاله عند ما تمنى معرفته من جهة مخارق إذا حصلت له من التلهف والتوجع. ثم استمر في ذكر الحال فقال:

وقالوا ألا لا يبعدن اختياله ... وصولته إذا القروم تسامت

وما البعد إلا أن يكون مغيباً ... عن الناس منى نجدتي وقسامتي

يريد: وقال الناس مكبراً ما يقع بي، ومظهراً الفجيعة لي: لا يبعدن اختياله وصولته، يعني كبره وحميته، وبأسه وبطشه، إذا حصل بين الصفين، فتدافعت فحولة الرجال، وتزاحمت أركانهم في القتال أو الجدال. وقد تقدم القول في لا يبعدن وما أشبهه. والقرم: جمع القروم، وهو الفحل أقرم، أي ترك حتى استقرم، وهو المكرم لا يحمل عليه شيء، وإنما يترك للفحلة. ويقال قرم ومقرم. على ذلك قوله:

إذا مقرم منا ذرا حدّ نابه ... تخمط فينا ناب آخر مقرم.

ومعنى تسامت تبارت في السمو ذكراً وحالاً.

وقوله وما البعد إلا أن يكون مغيباً يقول: إن الانتفاع بهذا القول إعظاماً للرزء ليس يقع، لأن البعد كل البعد في الموت، الذي يتغيب به عن الناس ما شملهم من

<<  <   >  >>