للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معونتي ومغوثتي، وإحساني وإفضالي، ويقال رجل نجد، وهو ظاهر النجدة. ورجل قسيم وسيم: ظاهر القسمة والوسامة. كأنه أراد بالقسامة ما قسم في الخلق من طوله. وكذلك قولهم: رجل مقسم الوجه، يرجع إلى هذا، لأن المعنى ما قسم في أعضائه من الحسن، فكل عضو يمت بمثل ماتة صاحبه. والقسامة: الجماعة يشهدون على الشيء ويقسمون مع الشهادة.

أيبكي كما لو مات قبلي بكيته ... ويشكر لي بذلي له وكرامتي

وكنت له عماً لطيفاً ووالداً ... رؤوفاً وأماً مهدت فأنامت

قوله " أيبكي " هو بيان ما تمنى معرفته من أحوال مخارق عند مفارقته له، فقال: ليتني علمت هل يوفى الجزع حقه، كما لو أصبت به كنت أوفيه، ويرثي لي بمثل ما كنت أرثيه؛ وهل يشكر آلائي لديه، وإقبالي عليه، وإحساني إليه مدة حياتي أم لا. فحذف لا لأن المراد مفهوم، أنه يريد أيكون ذلك أم لا. وعلى ذلك قول القائل: ليتني علمت أزيد في الدار إذا سكت عليه، فلا بد من أن تريد أم لا.

وقوله " وكنت له عماً لطيفاً "، أي كنت جمعت له مدة عمري وما اطرد في نفسي، بين حدب الآباء وشفقتهم، ولطف العمومة وتوفرهم، وتفقد الأمهات وإشبالهن. والمعنى: كنت أتنقل له في الأحوال بين ما يأتيه العم في وقت لطفه أو يأتيه الوالد وقت رأفته، أو الأم وقت تربيتها ولطفها. وقد سارت هذه اللفظة، وهي أم مهدت فأنامت مثلاً فيما ينشر من إحسان الغير إلى الغير. ويقال: ما امتهد فلان عندي مهد ذلك، أي ما وطد لنفسه. وقد أخرج في معرض آخر فقيل:

كما مهدت للبعل حسناء عاقر

وروى بعضهم: " ويشكرني بذلي له وكرامتي " على أن يكون بذلي بدلاً من المضمر في يشكرني.

<<  <   >  >>