ونقول: وابسطاماه! وإنما قال ماله لأن ما اجتمع بسعيه وحده، وبأسه وسطوته، كان له. ومعنى جنح مال. والأصيل العشية. وأبو الصهباء: كنية بسطام.
أجدك لن تراه ولن تراه ... تخب به عذافرة ذمول
ألم في هذا بقول النابغة:
يقولون حصن ثم تأبى نفوسهم
كأنه لشدة الأمر عليه يكذب المشاهدة ويدع التصديق بها في الوقت بعد الوقت، إما استعظاماً للحال، وإما لآفة تلحق العقل، وضعف يتخلل التحصيل، فكأنه بعدما اقتص من الحال ما اقتص، وشرح من الفجع ماشرح عاودته تلك الحالة وعادته، فاقبل على نفسه يستثبتها وقال: أعلى جد منك، وانجد جدك، أنك في مستقبل الأوقات لا تراه متمكناً منه قريباً، على عادتك في حال الأمن معه، ولا تراه أيضاً من بعيد في الغزو وتسير به الخبب راحلة قوية خفيفة.
وقد ظهر بما ذكرته فائدة تكرار حرف النفي في كلامه، لأن لن نفى قول القائل أسيفعل كذا زيد؟ فيقول: لن تفعل. فقوله لن تراه نفي الرؤية في حال السلم، ولن تراه نفى لها في حال الغزو. وتخبء به في موضع الحال.
حقيبة رحلها بدن وسرج ... تعارضها مريبة دؤول
إلى ميعاد أرعن مكفهر ... تضمن في جوانبها الخيول
يقول: تخب به ناقة بهذه الصفات وقد شد في الحقيبة التي ارتدفها درع قدر ما يستر البدن، وسرج لما جنب معه من فرس تعارض هذه الناقة في السير؛ وهي لعزها وكرمها على ربها، ربت في البيوت ولم تترك هملاً، وسيرها الذميل. ويقال رببته بالتشديد بمعنى. والدألان: ضرب من السير. والاحتقاب: شد الحقيبة من خلف، وكذلك الاستحقاب.