هما أخوا في الحرب من لا أخا له ... إذا خاف يوماً نبوة فدعاهما
ألمت في هذا بقوله:
إذا لم أجن كنت مجن جان
تقول: كان ينصران من لا ناصر له من القوم إذا خشي نبوة من نبوات الدهر يوماً فاستغاث بهما. وقولها (أخوا في الحرب من لا أخا له) فصلت فيه بين المضاف إليه والمضاف بالظرف، فلذلك حذفت النون من أخوان فهو كقوله:
كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج
ففصل بقوله (من إبغالهن بنا) . قولها (من لا أخا له) نوت الإضافة ثم أدخلت اللام تأكيداً للإضافة التي قصدتها، لذلك أثبتت الألف من لا أخا، لأن هذه الألف لا تثبت إلا في الإضافة إذ كان في الأفراد يقال اخ. وخبر لا محذوف كأنها قالت: لا أخا موجوداً وفي الدنيا. ولوقالت: لا أخ له، لكان له خبراً للا، على قولهم: لا أب لك، وإنما قلت أدخلت اللام لتوكيد الإضافة التي قصدتها، لأن الإضافة غير معتد بها هنا، فلا تعرف الأخ، واللام تبطل الإضافة في الأصل. وهذه اللام لا تدخل إلا في بابين: أحدهما باب النفي، وهو ما نحن فيه، والثاني باب النداء في مثل قولهم: يابوس للحرب، لأن المراد: يابوس الحرب.
هما يلبسان المجد أحسن لبسة ... شحيحان ما اسطاعا عليه كلاهما
وصفتهما بأنهما يكتسبان المجد ويستمتعان به أحسن استمتاع وأجمل اكتساب، وأنهما يضنان به حيث ظهر وطلع فلا يتركانه لأحد ماداما يستطيعان كسبه والفوز به. وانتصب (أحسن لبسة) على أنه مصدر. وارتفع (شحيحان) على أنه خبر مقدم،