على النسب، وآخر البيت مصروف إلى الصديق الغريب. وساغ أن يراد بالجميع الحي كلهم لاجتماعهم حوله. والجميع والجمع: المجتمعون. والجماع: المتفرقون. قال:
من بين جمع غير جماع
إذا افتقرا لم يجثما خشية الردى ... ولم يخش رزءا منهما مولياهما
تريد أنهما إذا مسهما الفقر، وضاق بهما الأمر، لم يلزما بيوتهما تاركين للغزو والتجوال في طلب المال، خوفاً من الهلاك، وميلاً إلى الراحة عن التسيار لكنهما يسعيان للاكتساب، ويتحملان من المشاق ما ينالان به مناهما، أو يقيمان به العذر عند من راعى أحوالهما. وقولها (ولم يخش رزءاً منهما مولياهما) تريد أنهما لا يستحملان موليهما عبثاً من فقرهما، ولم يضعا أنفسهما في موضع الارتزاء منهما، وجبر الحال بمالهما ويسارهما. وهذا كقول الآخر:
أبو مالك قاصر فقره ... على نفسه ومشيع غناه
وقولها (لم يحثما) من جم الطائر. وهم يسمون من رضى بفقره وصار لبيته كبعض أحلاسه: الضايع والضجعى؛ لأن الضجعة خفض العيش. وإلى هذا المعنى يشير القائل في ذمة قوماً:
أولئك معشر كبنات نعش ... ضواجع لا تسير مع النجوم
يروى:(رواكد) . وانتصب خشية الردى على أنه مفعول له. وقولها (مولياهما) ليس يراد به التثنية، بل المراد به الكثرة. وعلى ذلك. وعلى ذلك قولهم: لبيك وسعديك.
لقد ساءني أن عنست زوجتاهما ... وأن عريت بعد الوجى فرساهما
ولن يلبث العرشان يستل منهما ... خيار الأواسي أن يميل غماهما