للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخروج البطن. ويكون المعنى: إن خفض منك خصم، أو طأطأ من إشرافك عدو، وحملك من الثقل ما يبزى له ظهرك، فلا تطيق الثبات تحته، والنهوض به.

وقوله (أحارب من حاربت) هو تفسير دوام عهده وثبات وده. والمعنى تجدني ذاباً نك واقعاً معك، أرصد الشر لأعدائك، وأدافعهم دونك، وإن أصابك غرم حبست مالي عليك، واحتملت فيه الثقل عنك. وكان الواجب أن يقول: فأعقل عنك، لأنه يقال عقلته إذا أعطيت دبته، وعقلت عنه إذا غرمت ما لزمه في ديته. وقال الخليل: الغرم لزوم نائبة في مال من غير جناية. والمال إذا أطلق يراد به الأبل. ويجوز أن يكون معنى فأعقل: أشدها بعقلها بفنائك، لندفعا في غرامتك.

كأنك تشفى منك داء مساءتي ... وسخطى وما في ريثي ما تعجل

قوله (مساءتي) يريد مساءتك إلى، وكذلك (سخطى) يريد سخطك علي، فأضافهما إلى المفعول. ويقال: مساءة ومسائية. والسخط والسخط لغتان، ومثله السقم والسقم، والعدم العدم، وهو نقيض الرضا. ويقال: سخطته وتسخطته، إذا لم ترض به، وإن كان في التفعل فضل تكلف. ومعنى البيت أنك تستمر في إساءتك إلى وسخطك علي، حتى كأن بك داء ذاك شفاؤه، وما تطلبه من عجلتي لا تجده في بطئي، أي ما تقدره يتعجل لك من المكاشفة بيني وبينك، واستثارة الحقد الكامن فيك، لا يحصل لك مني متباطئاً أيضاً. والمعنى أني أصابرك وأتركك على مداجاتك.

وإن سؤنني يوماً صفحت إلى غد ... ليعقب يوماً منك آخر مقبل

ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كف تبدل

قوله (وإن سؤنني يوماً) يقال: سوؤت فلاناً، وسؤت له وجهه مساءة ومسائية. والمعنى: أني لا أؤاخذك بما يظهر من مساءتك، بل أقابله بصفح جميل عنك، انتظاراً لفيئة تظهر منك في مقتبل أمرك، ومراجعة تعفى على قبيحك، فإن لم يتفق منك عقبى حسنة تنسى زلاتك، بل تتابع بين مسببات القطيعة وموجباتها بما تظهره من الجفاء والعقوق فيما يجمعني وإياك، فإنك تقطع أخاً هو في مظاهرتك، وانطواؤ

<<  <   >  >>