للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مداخله، وغمز مفاصل آرابه، حقيق بولوجه ووصوله، ومعرفة متيح ما يرجوه ومريحه.

ثم قال: وإذا سعيت في أمر فاعرف مواطىء قدمك قبل أن تعلوها، ومواقع خطوك قبل أن تعدوها، واقسمها بين نظرك واختبارك، وتحقيقك وحدسك؛ فإن من ركب مزلقةً عن غرة وغفلة، يوشك أن يسقط ليديه وفمه، وتزل به قدمه إلى قرار هلكته وحينه. والزلج: السرعة في المشي والسقوط وغيره. وفرس زلوج: سريع السير. وكذلك يقال قدح زلوج. ومزلاج الباب: الخشبة التي يغلق بها.

وقال آخر:

لججنا ولجت هذه في التغضب ... وشد الحجاب بيننا والتنقب

تلوم على مال شفاني مكاني ... إليك فلومي ما بدا لك واغضبي

كان هذا الشاعر اطلع من أحوال أيتام أخيهعلى ماساءهوأنف منه، ثم دعاه التحنن والإشفاق مما يتداوله الناس في مجالسهم من أحاديث البر والعقوق، وتصرفهم في صرف المقت إلى مستحقه، والحمد إلى مكتسبه، إلى أن أمر عبديه الراعيين بإراحة ما ردا إلى فنائه من مسارح إبله عليهم، فاغتاظت امرأته من ذلك وأنكرت فعله، وخوفته في أثناء ملامها بالفقر وهجرته، فأخذ يقتص ما كان منها ومنه فقال: تمادت امرأتي في الغضب والهجران، واللوم والإحتجاب، وكل ذلك منها في مالي شفاني موضعه الذي وضعته فيه، ومصرفه الذي صرفته إليه. ثم أقبل عليها مستهيناً بها وبفعلها فقال: إليك فلوميما بدلك. والمعنى: اجمعي أمرك واستمريي عتبك وغضبك ما بدا لك، فإن الرشاد فيما آثرته، والصلاح في قران ما اخترته. و (إليك) : اسم من أسماء الأفعال هنا، كما يكون عليك، وعندك. ولذلك عطف عليه قوله (فلومي) . و (ما بدالك) في موضع الظرف. وقد تقدم القول في أمثاله.

<<  <   >  >>