للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعده. واشتقاق الطور من قولهم: لاأطور به، ومن طوار الدار، وهو ما كان ممتداً معها.

وقوله (كم من فتى) أفاد كم التكثير، والكلام خبر، والمراد: كثير من الفتيان تودعوا في منازلهم، وقصرت خطواتهم للسعي في طلب أرزاقهم، ألفوا قد نالوا ما غلبوا به المجد في الطلب، المتعب نفسه في التنقل. ومعنى فلج: غلب. وسهام الرزق، يراد به قداح الرزق، كأنه فاز لما خرج له من عند الإجابة بما غلب به مقامره ومزاحمه. ويجوز أن يري بسهام الرزق ما حظ له من الحظ، وأسهم له وقسم في الرزق.

إن الأمور إذا انسدت مسالكها ... فالصبر يفتق منها كل ما ارتتجا

لاتيأس وإن طالت مطالبة ... إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا

يقول: استعن بالصبر في كل ما تزاوله وتراوده، فإن الأمور إذا انسدت طرقها، وأعيت الحيل في تحصيلها، فإن الصبر يسهل مدارجها، ويوسع موالجها، ويفتح ما انغلق منها، ويفتق ما ارتتق من أسبابها، ولا يتسلطن عليك من اليأس ما يفتر عزمك، أو يقصر سعيك، وإن دامت مطالبتك، واتصلت مواظبتك. واعتقد أن الفرج يتلقاك، والنجح بأقرب المنازل منك؛ فإنك إذا فعلت ذلك فزت بكل ما ترومه، وتعجل لك كل ما تهواه. وقوله (أن ترى) في موضع المفعول من تيأسن. وقوله (فالصبر يفتق) جواب إذا، وخبر إن الأمور في الشرط والجواب. ويقال رتجت الباب وأرتجته، إذا أغلقته، وباب مرتج ومرتوج. والرتاج: الباب نفسه.

أخلق بذي الصبرأن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

أبصر لرجلك قبل الخطو موضعها ... فمن علا زلقاً عن غرة زلجا

يقول: إن مدمن الصبر في الأمور، وملازم التثبت والتلوم عند الخطوبحقيق بأن يظفر بطلبته، وبنجاح السعي في مرامه وبغيته. كما أن من أدام قرع أبواب

<<  <   >  >>