للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتقدمها. ويقال: رجل أيم وامرأة أيم. وقد آمت تئيم أيمةً. وكذلك ذو الولد لايدري أيموت فيتيم الولد، أم يهلك الولد فيثكل الوالد، فإن سكان الدنيا موعودون آجال منتظرة، مدعوون لأحوال مؤخرة.

وقوله (ما علم ذي ولد) استفهام معناه النفي، والمراد: لايعلم الوالد ما يكون منه ومن ولده في الإمهال والاستعجال، أي لايدري أي الأمرين يقع. وقد عطف قوله (أم الولد اليتيم) وهو جملة من ابتداء وخبر على (أيثكله) وهو فعل وفاعل. وجاز ذلك لما قدمته.

والحرب صاحبها الصلي ... ب على تلاتلها العزوم

من لايمل ضراسها ... ولدي الحقيقة لايخيم

واعلم بأن الحرب لا ... يسطيعها المرح السؤوم

والخيل أجودها المنا ... هب عند كبتها الأزوم

الصليب: الصلب ذو الصلابة. والتلاتل: الشدائد، ويقال: تلتله، إذا حركه، يقول: وصاحب الحرب هو الصبور على شدائدها، القوى العزم في مصارفها، الحامي الشكة على نوائبها، فلا يمل عضاضها، ولايخيم عند حقائقها. ومعنى يخيم: يجبن.

وقوله (من لايمل ضراسها) في موضع الرفع على أن يكون بدلاً من قوله الصليب. والضرس: العض، وأصله إصابة الشيء بضرسه.

ثم قال: واعلم أن الحرب لايطيقها الملول النزق، العجول الطرف، لأن مبانيها على الصبر والثبات، والتدبير السديد، والحذر الشديد، واستعمال الإقدام في وقته، والإحجام لدى موجبه. وقوله (لايسطيعها) يريد لايستطيعها. والماضي منه اسطاع يستطيع بكسر الهمزة، وأصله استطاع، وقوله (والخيل أجودها) يريد: خير الخيل ما ينتهب الأرض انتهاباً في سعيه. وقال الخليل: المناهبة: المباراة في الجري والحضر. ومعنى (عند كبتها) أي حملتها. وسئل رجل: كيف طعنت قتيلك؟ قال: (طعنته في الكبة، طعنةً في السبة فأنفدتها من اللبة) . وكل ما جمعته فقد كببته ومن كبة الغزل.

<<  <   >  >>