يعز على أن يرى عوض الدمى ... بحافاته هام وبوم وهجرس
وقوله (عليها براقع) صفة للوحش، وكذلك (أصبحت لم تبرقع) .
وقال آخر:
فيا رب إن هلك ولم ترو هامتي ... بلبلى أمت لا قبر أعطش من قبري
وإن أك عن ليلى سلوت فإنما ... تسليت عن يأس ولو ألمن صبر
وإن يك عن ليلى غنى وتجلد ... فرب غنى نفس قريب من الفقر
حذف الياء من (يارب) لوقوعها موقع ما يحدث في باب النداء، البتة، وهو التنوين، ولأن الكسرة تدل عليه، وإن باب النداء باب حذف وإيجاز، لكثرة تردده في الكلام، وقوله (أمت) جواب الشرط. وقوله (لا قبر أعطش من قبري) الجملة في موضع الحال. وقد روى:(ترو) بفتح التاء ويكون الفعل للهامة، (وترو) بضم التاء والفعل لله عز وجل. فيقول متألماً من برح الصبابة، وعطش الاشتياق، ومتشكياً إلى الله تعالى: يا رب إن مت ولم أنل شفاء من دائي، وريا من عطشي إلى هذه المرأة مت ولا قبر لعاشق أشد عطشاً من قبري. وإنما قال: لم ترو هامتي، لأنهم كانوا يزعمون أن عظام الموتى تصير هاماً فتطير. والأصلح في هذا المكان أن يكون جعل نفسه مقتتلاً لحبها. ومعنى (ترو هامتي) لم تطلب دمي من قاتلي، تبق هامتي أعطش من كل هام. وكانوا يقولون: إنه يخرج من رأس المقتول هامة فتصيح وتقول: اسقوني اسقوني! إبى أن يدرك ثأره.
إنما آثرت هذا لتوحيده هامة. والرةايتان في ترو وترو معنياهما ظاهران وقوله (وإن أك عن ليلى سلوت) قد تقدم القول في حذف النون من أكن. وجواب الشرط قزله (فإنما) بما بعده والمعنى: إن اك في الظاهر حصل لي سلو عنها لمن يتأمل حالي، فإنما تكلفت ما ظن مني سلوا لغلبة اليأس منها على، فأما نفسي فهي كما كانت، ذهاباً فيها وولوعاً بها. وقوله (سلوت) مهناه طبت نفساً. وتسليت معناه تكلفت ذلك، والتفعل لا يكون إلا عن تكلف في أكثر