للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حراماً، فيقول: ولليلة من أوقاتها تحصل لنا في غير فحش تذكر به، أو إثم تكتسبه، ألذ إلى نفسي وأطيب في قلبي من ملكي كله، ومن عشيرتي بأسرهم.

وقوله (أشهى إلى نفسي) في موضع المبتدأ، وهو ولليلة منها. وقوله ولو نزحت شرط فيما تمنى حصوله، وقد فصل بها بين أشهى إلى نفسي وبين ما ملكت أي وإن بعدت تلك الليلة فعادت إلى أولى أحوالها في التمنع علي والتفصى مني.

قد كان صرم في الممات لنا ... فعجلت قبل الموت بالصرم

ولما بقيت ليبقين جوى ... بين الجوانح مضرع جسمي

فتعلمي أن قد كلفت بكم ... ثم افعلي ما شيت عن علم

عاد إلى مخاطبتها، بعد أن تألم مما تألم، فقال يعتب عليها: قد كان لنا في الموت قطيعة وافتراق، لكنك لم تصبري إلى حين وقوعه، ولم تنتظري نزوله، فتعجلت الصرم قبل الموت، فلا جرم أن بين جوانحي داء يبقى مدة بقائي فيها، ويذيب جسمي، ويكسف بالي. وقوله (ولما بقيت) أدخل اللام الموطئة للقسم على مابقيت، وهو مصدر في موضع الظرف، لما يتضمن من معنى الشرط. وقوله (ليبقين جوى) جواب القسم المضمر، والكلام كأنه: لئن بقيت ليبقين جوى؛ لأن المعنى: ولمدة بقائي ليبقين جوى. فمحصول الكلام يعود إلى ذلك.

وقوله (فتعلمي أن قد كلفت بكم) يضعون تعلم موضع أعلم، إلا أن المخاطب ليس له في الجواب أن يقول تعلمت، لكن يقول: علمت. والمعنى: اعلمي كلفي بكم، وانحطاطي في هواكم، وكنه ما أقاسيه في حبكم، ثم آثرى في بابي ما أردت بعد علمك بالحال، لأن الذي أطلبه رضاك، ثم لا أبالي بما يلحقني من بقاء أو فناء، أو سراء او ضراء.

وقال آخر:

إن التي زعمت فؤادك ملها ... خلقت هواك كما خلقت هوى لها

<<  <   >  >>