ظرفاً، والمعنى: صفا ودنا لليلى مدة بقائه خالصاً مما يشوبه ويفسده من طاعة عدو لها، وإصغاء إلى قيل ناصح يتنصح فيها. ويجوز أن يكون المراد: صفا ودنا لليلى مدة صفاء ودها لنا، فحميناه من قدح الأعداء فيه والإصغاء إلى قيل اللائمين وعتبهم له. ويدل على هذا التفسير قوله من بعد:
فلما تولى ود ليلى لجانب ... وقوم تولينا لقوم وجانب
فإن قيل: كيف زعمت أن المعنى ما صفا ودها لنا، وقد ذكرت أن الود مضاف إلى المفعول؟ قلت: إن المضمر في الثاني هو ود ليلى، والمصدر كما يضاف إلى المفعول يضاف إلى الفاعل أيضاً، واللفظ لفظ واحد. وإذا كان كذلك صلح أن ينوي في قوله ما صفا عود الضمير إلى ود ليلى، ويكون ليلى فاعلة لأن اللفظ ذلك اللفظ، فيكون التقدير: صفا ود ليلى ما صفا ود ليلى. والمعنى: صفا ودنا لليلى ما صفا ودها لنا، أي صافيناها ما دامت تصافينا. ويجوز أن يكون ود ليلى أضاف الود إلى ليلى، وهي الفاعلة، لكنه حذف لمضاف وأقام المضاف إليه مقامه، والمراد: صفا جزاء ود ليلى منا ما صفا هو في نفسه لنا. وقد روى: لم تطع بها عدواً فيعود الضمير إليها، وكذلك ولم نسمع بها. وإذا رويت به يعود الضمير إلى الود. وقوله: فلما تولى ود ليلى، يرد: ود ليلى لنا. والمعنى: لما مالت إلى جنبة غير جنبتي، وقوم غير قومي، نفضت يدي من الاعتماد عليها، وأخليت قلبي من هواها، وصرفت نفسي إلى جنبة أخرى غير جنبتها، وطائفة أخرى غير طائفتها، لأني كما أصل أقطع، وكما أخالط أزايل، ولست ممن يقتل نفسه في إثر من لا يريدني إذا تولى عني. وقوله تولى، يجوز أن يكون من التولي الإعراض والذهاب، ويجوز أن يكون من الولاء والطاعة.
وقوله: وكل خليل بعد ليلى يخافني، يريد أن الناس لما رأوا ولوعي بليلى، وصفاء عقيدتي في الميل إليها والبقاء على العهد معها، ثم رأوا بعده انصرافي عنها في أقرب المدد، ولأدنى السبب، صار كل خليلي فيما بيني وبينه يخافني على الغدر. ويتهمني في الود، فلا يطلب مني التناهي فيما يجمعني وإياه، خوفاً من الإعراض عنه، أو يرضى معي ومن جهتي بود قريب لا سرف فيه ولا اشتطاط.