لعمرك ما ميعاد عينيك والبكا ... بداراء إلا أن تهب جنوب
أعاشر في داراء من لا أحبه ... وبالرمل مهجور إلى حبيب
إذا هب علوي الرياح وجدتني ... كأني لعلوي الرياح نسيب
يقول: وبقائك ما الموعد بين البكاء وأنت بداراء إلا عند هبوب الجنوب، وإنما قال هذا لأن الجنوب كان مهها من أرض صاحبته، فعلى هذا التأويل يكون " والبكا " في موضع الجر عطفاً على عينيك. ولا يمتنع أن يكون المراد. ما ميعاد عينيك مع البكا بهذا المكان إلا إذا هبت الجنوب؛ فيكون مفعولاً معه. ولإنما قال ذلك لأنها تهدي إليه أريجتها، أو يعتقد أنها رسولها، فتجدد ذكراها، وتطري الوجد بها، فيبكي شوقاً إليها. وقال الخليل: الميعاد لايكون إلا وقتاً أو موضعاً. وإذا كان كذلك فالميعاد مبتدأ وخبره أن تهب، والمراد وقت هبوبها، حتى يكون الآخر هو الأول، إلا أنه حذف المضاف.
وقوله " أعاشر في داراء من لا أوده " شكو من الدهر حين جمع بينه في داراء وبين من لاهوى له معه، وفرق بينه وبين محبوبه فجعله بالرمل.
وقوله " إذا هب علوي الرياح " يريد: إذا هبت الريح من نحو عالية نجد، فكأني يجمعني وإياها نسب، لاهتزازي لها، وارتياحي لهبوبها، فأنا أنتظرها ترقب المسافر وقد دنا موافاته.
آخر:
هل الخب إلا زفرة بعد زفرة ... وحر على الأحشاء ليس له برد
وفيض دموع العين يا مي كلما ... بدا علم من أرضكم لم يكن يبدو
الاستفهام هنا في معنى النفي، كأنه حاجته صاحبته أو إنسان لائم أو غيرهما، فيما يدعيه من الحب، فقال راداً عليه حين كذبه في دعواه: ما الحب إلا تتابع الزفرات تحسرا، والتهاب توجدفي الحشا لايتعقبه ابتراد، وسيلان دمع من العين لا