ولا زائراً فرداً ولا في جماعة ... من الناس إلا قيل أنت مريب
هذا شرح للاشتهار الذي أجمله، والاغتراب الذي اشتكى منه. وقوله أحقا، في موضع الظرف، كأنه قال: أفي حق. وأن لست أن مخففة من الثقيلة، وموضعه بما يعده موضع الابتداء، وأحقا في موضع الخبر. وقوله فرداً، انتصب على الحال، والعامل ما دل عليه ولا زائراً، من الفعل، فيقول: أفي حق يا عباد الله أنى لا أراد الوايين، يعني وادي المياه، وما ذكره فيما بعد من ذكر الكئيب الفرد، ولا أصدر عنهما إلا وعلى رقيب محافظ، يعد لحظاتي وأنفاسي، ويتأمل قصودي وإرادتي، ولا أزورهما منفرداً ولا في صحابة إلا وسلطت على التهم، ونسبت فيما أتعاطاه إلى الريب، حتى ضاق علي المجال، وأظلم لي المسرح والمطاف.
وقوله إلا قيل، في موضع الحال، أي لا أزورهما إلا مقولاً فيه ذلك. وموضع أنت مريب، الجملة رفع على أنه قام مقام فاعل قيل.
وهل ريبة في أن تحن نجيبة ... إلى إلفها أو أن يحن نجيب
وإن الكئيب الفرد من جانب الحمى ... إلى وإن لم آته لحبيب
قوله هل ريبة، لفظه استفهام ومعناه النفي، فيقول: لا ريبة في حنين أحد المتألفين الكريمي العهد إلى الآخر، ولا استنكار فيما تنطوي عليه النفس من الهوى والود، ولا محاسبة فيما يوجب المتحابان ويؤثرانه من المصافة على البعد، وإن موضع الحبيب من جانب الحمى قلبي موكل به وإن لم أزره، إذ كان مجانيتي إياه، وتأخرى عنه، لإبقائي على الحال بيني وبين من أحتشمه، ولإيثاري صيانته من تحدث الوشاة فيه، لا لغيره.
لك الله إني واصل ما وصلتني ... ومثن بما اوليتني ومثيب
فلا تتركي نفسي شعاعاً فإنها ... من الوجد قد كادت عليك تذوب
وإني لأستحييك حتى كأنما ... علي بظهر الغيب منك رقيب
قوله لك الله، يجوز أن يكون جعاء لها، والمعنى: إحسان الله لك، وحفظه مشتمل عليك. ويجوز أن يكون قسماً، كما يقال أعطيك الله، وجوابه إني واصل.