للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشتد ضررهم لذلك وعدموا القوت وانقطعت عنهم مراكبهم، فعزموا على الرجوع إلى دمياط، فأحرقوا أثقالهم وهربوا في الليل، وكانت ليلة عيد يوحنا وهو أول يوم من تَوْتَ، فبلغ السلطان هزيمتهم، فرسم بأن يقطع الجسور، وأحاط بهم النيل من كل جانب ولم يقدروا على الوصول إلى دمياط، فالتجؤا إلى تل كبير بظاهر البرمون (١)، وأحاطت بهم العساكر من كل جانب فأيقنوا الهلكة، وسألوا السلطان وبذلوا له أن ينزلوا عن دمياط ويؤمنهم على أنفسهم وأموالهم، فأجابهم إلى ذلك، وتقررت الهدنة ثماني سنين وأن يطلقوا الأسرى من المسلمين، والمسلمون أيضا يطلقون الأسرى من الفرنج (٢).

وقصد السلطان أن يجتمع بالملك يوحنا صاحب عكا ونائب البابا، فطلبوا رهائن تكون في مراكبهم إلى أن يعودوا، فسير السلطان ولده الملك الصالح نجم الدين أيوب، وأخاه الملك المفضل قطب الدين ومعهما جماعة من أولاد الأمراء، وحضر الملك يوحنا وغيره إلى خدمة الكامل بظاهر البَرمون، وحلف لهم الملك الكامل وأخواه الأشرف والمعظم واستحلفهم، وذلك يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رجب من سنة ثماني عشرة وستمائة، وتسلم السلطان دمياط، وكانت مدة إقامة الفرنج بدمياط سنة واحدة وعشرة أشهر وعشرين يوما، ورجع الفرنج إلى بلادهم، ودخل السلطان مصر وأطلق الأسرى من الجهتين [٤٣٣] في زمان السلطان صلاح الدين (رحمه الله) (٣).

وقال النويري (٤): توجه الأشرف إلى الشرق وانتزع الرقة من محمود، وقيل: اسمه عمر بن قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بن أقسنقر، ولقي بغيه على أخيه كما ذكرنا كيف وثب على أخيه فقتله وأخذ سنجار، ثم أقام الأشرف بالرقة، وورد إليه الملك الناصر صاحب حماة وأقام عنده مدة ثم عاد إلى بلده.


(١) البَرَمُون: بلد في محافظة الدقهلية، بالقرب من المنصورة.
انظر: نهاية الأرب؛ ج ٢٩، ص ١١٦، حاشية (٢).
(٢) ورد هذا الخبر في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٩٤؛ ص ٩٥؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١١٦ - مصر ١١٧؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٠٢، ص ١٠٣؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٠٨ - ص ٤٠٩.
(٣) ورد هذا الحدث في نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١١٧ ص ١١٨.
(٤) ورد هذا الخبر في مفرج الكروب ولم يرد في نهاية الأرب كما ذكر العيني، ج ٤، ص ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>