للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإفرنج فإنهم خرجوا بالفارس والراجل، وكان البحر زائدا، فجاؤا إلى ترعة فأرسوا إليها، وفتح المسلمون عليهم الترع من كل مكان، وأحدقت بهم عساكر الكامل فلم يبق لهم وصول إلى دمياط، وجاء أصطول المسلمين فأخذوا مراكبهم ومنعوهم أن يصل إليهم ميرة من دمياط، وكانوا خلقا عظيما وانقطعت أخبارهم عن دمياط، وكان فيهم مائة كند وثماني مائة من الخيالة المعروفين، وملك عكا والدرك (١)، واللوكان (٢) نائب البابا، ومن الرجالة ما لا يحصى، فلما عاينوا الهلاك أرسلوا إلى الملك الكامل يطلبون الصلح والرهائن ويسلمون دمياط، فمن حرص الكامل على خلاص دمياط أجابهم، ولو أقاموا يومين أخذوا برقابهم، فبعث إليه الكامل أبنه الصالح نجم الدين أيوب وابن أخيه شمس الملوك، وجاء ملوكهم إلى الكامل ممن سمناهم، فالتقاهم وأنعم عليهم، وضرب لهم الخيام، ووصل المعظم والأشرف في تلك الحال إلى المنصورة في ثالث رجب، ووقع الصلح بين الكامل والفرنج يوم الأربعاء تاسع عشر رجب، وسار بعض الفرنج في البر وبعضهم في البحر إلى عكا، وكتب إلى الآفاق بذلك، وعاد المعظم إلى الشام، وأقام الأشرف بمصر عند الكامل، فغير الله القلوب وصارا متصافيين واتفقا على المعظم (٣).

وفي تاريخ ابن العميد: وفي سنة ثماني عشرة وستمائة وصل الملك الأشرف صاحب أخلاط بعساكره والملك المظفر بن الملك المنصور صاحب حماة ومعه عساكر والده، ولم يتأخر أحد من ملوك الشام والشرق عن نجدته، واستقر القتال بينهم وبين الفرنج بحرا وبرا، وطلع النيل طلوعا كثيرا وجرى الماء في بحر المحلة، فوتب السلطان مراكب الأصول في بحر المحلة ليدخل منه إلى بحر دمياط ويمنع الميرة عن الفرنج،


(١) "الدوك": كذا في الذيل على الروضتين، ص ١٢٩؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١١٦، حاشية (٤)، ويقصد به الدوق، وهو من ألقاب ملوك البندقية وحكام جنوة في عصر المماليك. انظر: مصطلحات صبح الأعشى، ج ١٥، ص ١٤٠.
(٢) اللوكان: معناه غير ظاهر، وربما يكون تحريفا للقب "الكاردينال".
انظر: نهاية الأرب؛ ج ٢٩، ص ١١٦، حاشية (٥).
(٣) وردته هذه الأحداث في الكامل، في أحداث عام ٦١٤ هـ؛ ج ١٠، ص ٣٧٨ - ٣٨٠؛ الذيل على الروضتين، ص ١٢٩ - ص ١٣٠، مفرج الكروب، ج ٤، ص ٩٣ - ص ٩٩؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١١٦ - ص ١١٨؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٠٢ - ص ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>