للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بديار مصر كما ذكرناه، وكان الكامل يؤثره بِمُلك حماة، لكن الأشرف غير مجيب إلى ذلك؛ لانتماء الملك الناصر صاحب حماة إليه، وجرى بين الأشرف والكامل في ذلك مراجعات كثيرة آخرها أنهما اتفقا على نزع سلمية من يد الناصر وتسليمها إلى الملك المظفر، فتسلمها المظفر، وأرسل إليها وهو بمصر نائبا من جهته حسام الدين أبا علي بن محمد بن على الهذياني، واستقر بيد الناصر حماة والمعرة وبعرين (١) ثم سار الأشرف من مصر واستصحب معه خلعة وسناجن سلطانية (٢) من أخيه الكامل للملك العزيز صاحب حلب (٣)، وعمره يومئذ عشر سنين، ووصل الأشرف بذلك إلى حلب، وأركب العزيز في دست السلطنة (٤). ثم اتفق مع الأشرف كبراء الدولة الحلبية على تخريب قلعة اللاذقية (٥) فأرسلوا عسكرا وهدموها إلى الأرض (٦).

وقال ابن كثير (٧): وكان الملك الأشرف لما عاد من عند أخيه الكامل صاحب مصر إلى الشام تلقاه أخوه المعظم، وقد فهم أنهما تماليا عليه، فبات بدمشق ليلة، وسار من آخر الليل ولم يشعر أخوه بذلك، ثم إن الأشرف لما سار إلى بلاده وجد أخاه الشهاب غازي الذي استنابه على خلاط (٨) وميافارقين (٩) قد قوي رأسه، وكاتبه المعظم صاحب


(١) بعرين (بارين): بليدة بين حمص والساحل. معجم البلدان، ج ١، ص ٦٧٢.
(٢) السناجق السلطانية: مفردها سنجق وهو الرمح، وهو لفظ تركي المقصود به الأعلام السلطانية.
صبح الأعشى، ج ٥، ص ٤٥٨؛ عقد الجمان العصر المملوكي، ج ٢، ص ٢٠، حاشية (١).
(٣) حلب: مدينة عظيمة، وهي قصبة جند قنّسرين، ومنها إلى قنسرين يوم، وإلى المعرة يومان، وإلى أنطاكية ثلاثة أيام، وإلى الرقة أربعة أيام. معجم البلدان، ج ٢، ص ٣٠٨.
(٤) دست السلطنة: وظيفة من أَجَّل الوظائف وأسناها وأنفسها وأعلاها والقائم بها سفيرا لرعية إلى الملك في حاجتهم؛ وترجمان معرب عن شكايتهم، وكاشف أحسن ناشر عن ظلامتهم؛ جالس على بساط الأنس بقرب الحضرة؛ منفذ نهي مليكهـ وأمره؛ مبلغ الحاجة من أنعامه جوده وبره. ويتولى هذه الوظيفة كاتب الدست.
القلقشندي: صبح الأعشى ج ١، ص ٢٣٥ - ص ٢٣٦.
(٥) قلعة اللاذقية: اللاذقية مدينة في ساحل بحر الشام تعد من أعمال حمص وهي غربي جبلة وهي الآن من أعمال حلب ربها قلمتان متصلتان. معجم البلدان، ج ٤، ص ٣٣٨ - ص ٣٣٩.
(٦) وردت هذه الأحداث في مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٢٦ - ص ١٢٩؛ المختصر في أخبار البشر، ج ٣، ص ١٣٢؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٢٦ - ص ١٢٧.
(٧) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٠٧.
(٨) خلاط: بلدة عامرة مشهورة، وهي قصبة أرمينية الوسطى. معجم البلدان، ج ٢، ص ٣٥٧ - ص ٣٥٨.
(٩) ميافارقين: أشهر مدينة بديار بكر، معجم البلدان، ج ٤، ص ٧٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>