للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحمص، فلما حلف له على ذلك أطلقه المعظم، فرحل الملك الأشرف فى جمادى الآخرة من هذه السنة، وكانت مدة مقامه عند المعظم نحو عشرة أشهر، ولما استقر الأشرف ببلاده رجع عن جميع ماتقرر بينه وبين أخيه المعظم، وتأول فى ذلك فى أيمانه التى حلفها (١) أنه كان مكرها عليها، فندم المعظم لتمكينه من الانفصال عنه وسير العرب إلى بلد حمص وحماة فعاثوا فيها (٢).

وفى هذه السنة حصلت الوحشة بين الملك الكامل صاحب مصر وبين أخيه الملك المعظم صاحب دمشق لأمور بلغت الكامل عنه، فكتب الكامل إلى الأنبرور (٣) ملك الألمان بأن يحضر إلى الشام والساحل، ويعطيه البيت المقدس وجميع فتوح صلاح الدين بالساحل، وكتب الملك المعظم إلى جلال الدين خوارزم شاه -وكان قد ملك أخلاط وبلاد أرمينية (٤) مضافا إلى ما بيده من بلاد العجم المجاورة لأخلاط -يسأله أن ينجده على أخيه الكامل، ويكون هو من جملة المنتمين إليه، ويخطب له، ويضرب له الدنانير والدراهم باسمه، فأجابه إلى ذلك، وسير إليه خلعة لبسها، وشق بها مدينة دمشق، وقطع خطبة الملك الكامل. وبلغ ذلك الكامل فتجهز وخرج بعساكره ليأخذ دمشق من أخيه المعظم، فنزل بلبيس (٥) والعباسة (٦) فى شهر رمضان من هذه السنة، فسير إليه المعظم يقول: إنني قد نذرت نذرا لله تعالى أن كل مرحلة ترحل إليها لقصدى أتصدق بألف دينار، فإن جميع عسكرك معى وكتبهم عندى، وأنا ما آخذك إلا بعسكرك، هذا كان فى الباطن، وأما فى الظاهر فقال: أنا مملوكك وما خرجت عن


(١) "خلفها عليها" كذا فى الأصل، والمثبت من مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٠٦ لاستقامة المعنى.
(٢) ورد هذا الخبر فى الذيل على الروضتين، ص ١٥١؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٠٤ - ص ٢٠٦؛ المختصر فى أخبار البشر، ج ٣، ص ١٣٧.
(٣) هو الإمبراطور فردريك الثانى - نهاية الأرب: ج ٢٩، ص ١٣٩، حاشية (١).
(٤) بلاد أرمينية: اسم لصقيع عظيم واسع من جهة الشمال، وقيل هما أرمينيتان الكبرى والصغرى، وحَدُّهما من بَرْذَعة إلى باب الأبواب، ومن الجهة الأخرى إلى بلاد الروم وجبل القَبْق وصاحب السرير، وقيل أرمينية الكبرى خلاط ونواحيها، وأرمينية الصغرى تفليس ونواحيها.
معجم البلدان، ج ١، ص ٢٢٩ - ص ٢٣٠.
(٥) بلبيس: مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشام.
معجم البلدان، ج ١، ص ٧١٢.
(٦) العباسة: هي بليدة أول ما يلقى القاصد لمصر من الشام من الديار المصرية، بينها وبين القاهرة خمسة عشر فرسخا.
معجم البلدان، ج ٣، ص ٦٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>