للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنة نبيه (- صلى الله عليه وسلم -) وإنما هو شئ اقترحه من عند نفسه، وتبعوه في ذلك، وكان يكتب الياساق في مجلدين بخط عظيم، ويحمل على بعير عندهم (١)، وقد ذكر بعضهم أنه كان يصعد جبلا ثم ينزل ثم يصعد ثم ينزل حتى يَعْيَى، فيقع مغشيا عليه، ويأمر من عنده أن يكتب ما يلقى على لسانه حينئذ، فإن كان هذا هكذا، فالظاهر أن الشيطان كان ينطق على لسانه بما فيها، وذكر علاء (٢) الدين الجويني الوزير ببغداد -وقد ذكر سيرته في مجلد واحد- أن بعض عبادهم كان يصعد الجبال في البرد الشديد للعبادة، فسمع قائلا يقول له: إنا قد ملكنا جنكيزخان وذريته وجه الأرض. وقال الجويني: فمشايخ المغول يصدقون هذا، ويأخذون به مسلما. وذكر نتفامن الياساق، من ذلك: أن من زني يقتل محصنا كان أو غير محصن، وكذلك من لاط قتل، ومن تعمد الكذب قتل، ومن سحر قتل، ومن تجسس قتل، ومن دخل بين اثنين يختصمان فأعان أحدهما قتل، ومن بال في الماء الواقف قتل، ومن انغمس فيه قتل، ومن وجدها ربًا ولم يَرُدُّه قتل، ومن أطعم أسيرا أوسقاه أو كساه بغير إذن أهله قتل، ومن وجد رمي إلى أحد شيئا من المأكول قتل، بل يناوله من يده إلى يده، ومن أطعم أحدا شيئا فليأكل منه أولا ولو كان المُطِعْم أمير الأسير، ومن أكل ولم يطعم من عنده قتل، ومن ذبح حيوانا ذُبح مثله، بل يشق جوفه ويتناول (٣) قلبه بيده ويستخرجه من جوفه أولا، وفي هذا ما يخالف شرائع الله تعالى التي شرع لأنبيائه، فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد (- صلى الله عليه وسلم -) وتحاكم إلى غير ذلك من الشرائع المنسوخه كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياساق وقدمها عليها؟! فمن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين. قال الجويني: ومن شأنهم أنهم يخاطبون الملك باسمه، ومن مر بقوم يأكلون فله أن يأكل معهم من غير استئذان ولا يتخطي مواقد النار، ولا طبق الطعام، ولا أسكفة (٤) الخركاة ولا يغسلون ثيابهم حتى يبدو وسخها، ولا يتعرضون لمال ميت، ونحو ذلك. قال الجويني: وكان جنكيزخان يصطاد من السنة


(١) "معظم عندهم" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٧، لتوضيح المعني.
(٢) علاء الدين الجويني الوزير ببغداد: هو علاء الدين عطا مالك الجويني بن الصاحب بهاء الدين محمد بن محمد الخراساني، صاحب كتاب جهانكَشا، توفي سنة ٦٨٤ هـ، وهو من جوين إحدى مقاطعات فارس.
انظر: سيرة منكبرني، ص ١٨٠، حاشية (٤)؛ شذرات الذهب، ج ٥، ص ٣٨٢.
(٣) "ويتناوك" كذا في الأصل، وما أثبتناه من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٨ لتوضيح المعنى.
(٤) أُسْكُفَّة الخركاة: الخركاه كلمة فارسية معناها خيمة، والأسكفة خشبة الباب التي يوطأ عليها، فالأسكفة هي عتبة الباب.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ١٩٨، حاشية (٥)؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٣٢٩، حاشية (٢)؛ القاموس المحيط؛ المعجم الوجيز - مادة "سَكف".

<<  <  ج: ص:  >  >>