للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تاريخ المؤيد (١)، وفي هذه السنة أرسل الملك الكامل صاحب مصر يطلب من ابن أخيه الناصر داود بن الملك المعظم صاحب دمشق حصن الشوبك، فلم يعطه الناصر ذلك، ولا أجابة إليه، فسار الملك الكامل من مصر في هذه السنة في رمضان إلى الشام، وذكر نحو ما ذكرناه، غير أنه قال: فقدم الملك الأشرف إلى دمشق، ودخل هو والملك الناصر داود إلى قلعة دمشق راكبين.

وقال القاضي جمال (٢) الدين بن واصل: كنت إذ ذاك حاضرا في دمشق، ورأيت الملك الأشرف راكبا مع ابن أخيه، وعلى رأس الملك الأشرف شاش (٣) علم (٤) كبير، ووسطه مشدود بمنديل، وكان وصول الأشرف إلى دمشق في العشر الأخير من رمضان من هذه السنة. ثم قال: وخرجت السنة والأشرف عند أخيه الكامل بظاهر غزة.

وفي تاريخ ابن العميد (٥): بلغ الناصر صاحب دمشق خروج الملك الكامل لأخذ بلاده، وكان سبب ذلك أن الناصر لما استقر في دمشق ظلم الناس، وأخذ أموالهم، وأقبل على اللهو والشرب والطرب، واشتغل عن النظر في مصالح دولته، فبلغ ذلك الكامل فتغير خاطره عليه، وتجهز وخرج بعساكره إلى الشام، ليأخذ دمشق، واستناب ولده الصالح نجم الدين بمصر، وجعل الأمير فخر الدين (٦) بن الشيخ بين يديه ليحصل الأموال ويدبر المملكة، وذلك في شهر رجب من هذه السنة، ولما بلغ ذلك الناصر لم يسيِّر إليه، ولا استعطفه، بل كتب إلى عمه الملك الأشرف يسأله أن يصل إليه، فلما جاءه الأشرف إلى دمشق رأي من حركاته المذمومه فكرهه بسببها، وأيضا أطمعته نفسه بدمشق فإن جلال الدين خوارزم شاه كان قد أخذ أخلاط، ولم يبق بيد الأشرف


(١) المختصر في أخبار البشر، ج ٣، ص ١٤٠ - ص ١٤١.
(٢) مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٢٨ - ص ٢٢٩.
(٣) الشاش: هو زي المواكب الحافلة، وهو الرداء الفوقاني الذي كان يلبس كثياب رسمية، فالشاش يعبر عن الموسلين الطويل الذي يلف حول العمامة كلباس للرأس عند الأمراء أثناء الاحتفالات السلطانية.
(٤) "معلم" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه من المختصر في أخبار البشر حيث ينقل عنه العيني، ج ٣، ص ١٤٠.
(٥) أخبار الأيوبيين، ص ١٥ - ص ١٦، مكتبة الثقافة الدينية، ٥٢٦ ش بورسعيد - الظاهر.
(٦) فخر الدين بن الشيخ: هو فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حموية الجويني، وهو الأمير نائب السلطنة، ولد بدمشق بعد الثمانين وخمسمائة، طعن يوم المنصورة، وتوفي عام ٦٤٧ هـ، لمعرفة المزيد عن ترجمته. انظر: الذيل على الروضتين، ص ١٨٤؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٩١، حاشية (٣)؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٤٧ - ص ١٤٨، حاشية (٣): شذرات الذهب، ج ٥، ص ٢٣٨ - ص ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>