للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها عزل جلال الدين صفي الدين محمد الطغرائي عن وزارة خراسان وقبض عليه وأقام تاج الدين محمد البلخي المستوفي (١) مقامه بها، وكان صفي الدين من قرية كليجرد (٢)، ابن رئيسها، وكان أكبر أدواته، حسن الخط، وكان مع جلال الدين حين كان بماء السند وسلم من الغرق حين غرق أكثر أصحاب جلال كما شرحناه فيما مضى، ثم انضم إلى شرف الملك الوزير وواظب خدمته، ولما ملك جلال الدين البلاد ولاه شرف الملك الطغرا (٣)، فتجمل وتمول وأكثر الخدم، ثم لما قبض عليه جلال الدين بالرى جاء إليه حميد الدين الخازن (٤) يوما وهو محبوس يقول له عن جلال الدين: إن كنت تريد أن أعفو عنك وأرضى عليك فابعث إلى ما جمعته من الجواهر، واحمل إلى ما جَيَيْتَه لشرف الملك الوزير من الذهب. فأحضر إليه أربعة آلاف دينار كان أودعها عند بعض التجار، وسبعين فصا ما بين ياقوت وبذخشاني (٥)، وتسلمه الخازن ولم يحمل من ذلك شيئا إلى خزانة جلال الدين، وخطر بباله أن الطغرائي مقتول البتة لعلمه بسخط جلال الدين عليه، وأراد الله تأخير أجله إلى أن رضي عنه جلال الدين وانصلح أمره عنده، ثم فتش ذلك في ديوان (٦) الخزانة فلم يجد للفصوص ولا للذهب ذكرا، فذكر ذلك لحميد الدين الخازن ودخل عليه على أن يكتم هذا الأمر، ويأخذ منه كل شهر مائتي دينار، فأوفي الذهب كله وأما الفصوص فلم يحصل له منها شيء (٧).


(١) المستوفي: من كُتَّاب الأموال بالدواوين، وعمله ضبط الديوان التابع له والتنبيه على ما فيه مصلحة من استخراج أمواله ونحو ذلك، وكان يطلق على كبار كتاب المالية في بلاد فارس حتى القرن التاسع عشر الميلادي.
السلوك ج ١ ق ١، ص ١٩٢، حاشية (٢)؛ معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي، ص ١٣٨.
(٢) "كلي جرد": كذا في الأصل، والمثبت هو الصحيح من سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي، ص ٢٤٧؛ وكليجرد: قلعة حصينة عظيمة بين خوزستان واللُر، بينها وبين أصبهان مرحلتان.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٣٠٣.
(٣) الطغرا: وتكتب الطغراء، وهي الطابع أو التوقيع، والطغرائي هو الموظف الموكل بالتوقيع.
انظر: دائرة المعارف الإسلامية، مادة [Tughra]؛ سيرة منكبرتي، ص ٥٧، حاشية (٥).
(٤) الخازن: كاتب يتولى خزن الغلات وصرفها، وعليه سداد ما يعجز من عهدته، وقد تضاف إليها اللفظ الفارسي "دار" فتكون: الخازندار، وهو الذي يتولى أعمال خزانة السلطان أو الأمير أو غيرهما وفي عهدته ما بها من أموال وغلال انظر: صبح الأعشى، ج ٥، ص ٤٦٢ - ص ٤٦٣.
(٥) البذخشاني: وتذكر أيضا بلخشاني نسبة إلى بلخشان، وهو اسم أطلقه العامة على المكان الذي يوجد فيه معدن البلخشن المقادم للياقوت، ويوجد في الجبال على هيئة عروق، لكن الجيد منه قليل.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٥٠، حاشية (١).
(٦) ديوان الخزانة: كان يوضع به الأموال والغلال والذخائر والحواصل والأقمشة والتشاريف والطرز.
انظر: صبح الاعشي، ج ١٣، ص ١٠٠.
(٧) وردت هذه الأحداث بتصرف في مسيرة جلال الدين منكبرتي، ص ٢٤٧ - ص ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>