للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما تم ذلك استأذن الأمبرور السلطان في زيارة القدس، فأذن له، وتقدم إلى القاضي شمس الدين قاضي نابلس (١) بملازمته إلى أن يزور القدس، ويرجع إلى عكا قرار ورجع، وعمل الشيخ شمس (٢) الدين يوسف سبط جمال الدين بن الجوزي الواعظ مجلس وعظ بمدينة دمشق، وذكر فيه القدس وما ورد فيه من الآثار، وأورد قصيدة في ذلك (٣) منها:

على قبة المعراج والصخرة التي … تفاخر ما في الأرض من صخرات

مدارس آيات خلت من تلاوة … ومنزل وحي مُقفِر العرصات (٤)

وقال السبط (٥) في المرآة: لما وصلت الأخبار بتسليم القدس إلى الفرنج قامت القيامة في جميع بلاد الإسلام، واشتدت العظائم بحيث أنه أقيمت المآتم، وأشار الملك الناصر داود صاحب دمشق أن أجلس بجامع دمشق، وأذكر ما جرى على بيت المقدس، فما أمكنني مخالفته، ورأيت من جملة الديانة والحمية للإسلام موافقته، فجلست بجامع دمشق، وحضر الناصر داود على باب مشهد على (٦)، وكان يوما مشهودا، ولم يتخلف من أهل دمشق أحد، وكان من جملة الكلام: انقطع عن بيت المقدس وفود الزائرين، يا وحشة المجاورين! كم كانت لهم في تلك الأماكن من ركعة؟! كم جرت لهم على تلك المساكن من دمعة؟! تالله لو صارت عيونهم عونا لما وفت، ولو تقطعت قلوبهم أسفا لما اشتفت، أحسن الله عزاء المؤمنين، يا خجلة ملوك المسلمين لمثل هذه الحادثة تسكب العبرات، لمثلها، تتقطع القلوب من الزفرات، لمثلها تعظم الحسرات. وذكر كلاما طويلا.


(١) نابلس: مدينة مشهورة من أرض فلسطين بين جبلين.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٧٢٤.
(٢) شمس الدين يوسف سبط جمال الدين بن الجوزي: العلامة الواعظ المؤرخ أبو المظفر يوسف بن قُزُغلى التركي ثم البغدادي الهبيري الحنفي، توفي رحمه الله في ليلة الثلاثاء العشرين من ذي الحجة بمنزله بجبل الصالحية، عام ٦٥٤ هـ، ودفن هناك.
انظر: الذيل على الروضتين، ص ١٩٥؛ وفيات الأعيان، ج ٣، ص ١٤٢؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٠٦ - ٢٠٧؛ الشذرات، ج ٥، ص ٢٦٦ - ص ٢٦٧.
(٣) وردت هذه الأحداث في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٤٣ - ص ٢٤٤؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٥٠ ص ١٥١؛ السلوك، ج ١ ق ١، ص ٢٢١؛ شفاء القلوب، ص ٢٦٧ - ص ٢٦٩.
(٤) ورد هذان البيتان في شفاء القلوب، ص ٢٦٨.
(٥) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٣٢.
(٦) مشهد على: بالكوفة بالعراق وفيات الأعيان، ج ٢، ص ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>